الاثنين، 2 فبراير 2009

شقحب



كنت، إلى وقت قريب، أعتقد وأفتخر، أن النوبيين في أخلاقهم وتوادهم وعلاقاتهم نموذج لا مثيل له في الكون. وذلك حتى قرأت في جريدة الأنباء الكويتية * عن قرية شقحب السورية.

إذ أن التشابه كبير بين هذه القرية وأي قرية نوبية قبل التهجير. فهذه القرية لم تشهد منذ عشرين عاماً خلافاً بين سكانها يستحق الوقوف عنده، والمحاكم لم تشهد أي دعوى أو شكوى من شقحف طيلة هذه السنوات. وكذلك النوبة القديمة، حيث كانت المشكلات تحل ودياً داخل القرية (حق عرب).

والبنت ، كما يقول مختار القرية (العمدة عندنا)، تستطيع الدخول إلى أي بيت كما لو كان بيتها دون أية شكوك وذلك لعدم وجود غايات دنيئة مضمرة ومثل ذلك غير وارد ذكره. وهي تعد نفسها لتكون ربة منزل ومساعدة أهلها في العمل الزراعي، ولا طمع للبنت في وظيفة أو عمل آخر. كذلك كان في النوبة القديمة بنات القرية الواحدة مثل أخت أي رجل منا، ولا تطمح إلى حفل زفاف في الجزيرة ولا إلى السكن في المدينة ولا إلى شقة برسبشن وبكل الكماليات كما تراها في شقق النجوم الذين تتابعهم في القنوات الفضائية الآن.

كذلك لم تشهد هذه القرية حالة طلاق واحدة منذ عشرين عاماً، ويعزو المختار ذلك إلى أن حياة الناس متشابهة، فالبنت تنتقل من بيت إلى بيت آخر دون تغيير يذكر في نمط الحياة، وإلى حسن الإختيار. وكذلك لم تشهد النوبة قبل التهجير حالة طلاق واحدة، كما نشر في ذلك الوقت.

وكأنه يتكلم بلسان النوبيين، قبل الهجرة، يقول المختار : "لا شكوى لشخص على شخص هنا، ونحن نتباهي ونتمنى لسوانا ما نتمناه لأنفسنا في السير على طريق الخير والمحبة والتآلف. فحطام الدنيا لا يستحق الخلاف من أجله. وعلى الإنسان أن يعرف حقه من حق سواه، وأين تبتدئ حريته وأين تنتهي".

* بتاريخ 30/10/1998.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق