الاثنين، 9 فبراير 2009

دعوة لترشيد مصاريف الأفراح عن طريق الزواج الجماعي


في خطوة خيرية تهدف إلى الصالح العام للشباب النوبي، دعت إحدى الجمعيات النوبية بالكويت، إلى تدشين أول زواج جماعي بالنوبة في الصيف القادم 2009.

المقدمة
خطت أغلب القرى النوبية خطوات كبيرة، قد تختلف من قرية إلى أخرى، في مسألة ترشيد مصاريف الزواج، ووضعت لوائح بالمسموحات في كل خطوة من خطوات مراسيمها، بدءاً من طلب يد العروس إلى إتمام الزفاف.

وجميعاً نعلم أن هذه الإجراءات جاءت بعد تفاقم الآثار الناجمة عن إسراف بعض الموسرين في المظاهر المصاحبة للأفراح، ليس لها صلة من بعيد أو قريب للعادات والتقاليد النوبية أو الإسلامية. تلك المظاهر التي أصبحت تمثل عبئاً ثقيلاً على غير الموسرين، سواء من الشباب المتقدم للزواج، أو الأسر التي لديها عدد من الفتيات في سن الزواج، حيث يتقدم إليها فجأة عدد من الشباب في وقت واحد طلباً للزواج، خاصة في فصل الصيف.

المسرف يتحمل وزر عمله ووزر من عمل من بعده
إن طلب الترشيد ليست هي المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، طالما هناك بعضاً منا من لا يلق بالاً إلى الآثار الناجمة عن خروجه على العادات والتقاليد الإسلامية السمحة أو الانتهاء إلى ما نهت عنه السنة النبوية الشريفة. قال رسول الله e :"من سن في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شئ. ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيئاً".

وعن التيسير ورفع الحرج في الإسلام كتب د. احمد صبحي منصور:
"إن من أهداف التشريع الإسلامي تحقيق المصلحة، من حيث التخفيف والتيسير ورفع الحرج، ولكن الهدف الأقصى لكل الشرائع الإلهية هو "أن يقوم الناس بالقسط" كما جاء في سورة الحديد، "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط" والمعني أن يتعاون الناس جميعاً (بدون أغلبية صامتة أو أغلبية سلبية) على إقامة القسط فيما بينهم. وبالتالي يتأكد لديهم الشعور الجماعي بأن المصلحة الفردية لكل شخص لابد أن تتسق مع المصالح العامة للوطن ولا تتعارض مع المصلحة الخاصة للفرد الآخر" (مجلة المجتمع المدني، يوليو 99 – العدد 91، ص 21)

الزواج الجماعي هو الحل
والدعوة إلى الزواج الجماعي، لما فيه من تخفيف عبء وتيسير على الشباب وتشجيعهم للزواج في سن مبكرة، ليست وقفاً على النوبيين، أو على مصر، فقد سبقتنا دول كثيرة. فقد نشرت جريدة "المسلمون" (التي توقفت عن الصدور في 17/1/1992) خبر تجربة أول زواج جماعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، والجميع يعلم يسر وثراء هذا البلد، وفي تاريخ لاحق نشرت القبس نفس التجربة في السودان، كما نشرت "الأنباء" في 3/6/1994 دعوة د. عبد الرحمن العوضي، الوزير الكويتي الأسبق للصحة، إلى إلغاء الحفلات وإعطاء المعاريس مصاريف الحفلة والزواج ليستعملونها في أمور أكثر فائدة لمستقبلهم، أو التبرع بها لأي عمل خيري، وانتهت بطلب إنشاء صندوق لتشجيع الزواج، وذلك رغم أن الكويت دولة موسرة.

فكما نرى أن الزواج الجماعي شمل دول غنية ودول فقيرة، القاسم المشترك لها هو الإسلام، الذي يدعو إلى اليسر وإلى الترشيد في حفلات الزواج.

الغريب أن الزواج الجماعي تم حتى في ديانات أخرى، لنفس السبب، فقد نشرت إحدى الصحف حفل زواج جماعي ضم 40 ألف عريس وعروس في كوريا من أتباع طائفة "مونيز" من مختلف دول العالم!

نكتب هذا تأييدا لفكرة لجنة يقودها بعض العاملين في الكويت، نرجو أن ترى النور في وقت قريب، رغم أن العادات والتقاليد عادة أقوى من الرسالات الربانية والدعوات العقلية.

أخطاء في الزواج الجماعي
لإحاطة مؤيدي المشروع عن سلبياته بجانب الإيجابيات، نعيد نشر هذا الخبر الذي نشر بجريدة "المسلمون" أيضاً تحت عنوان:
بعد عام من تطبيق مشروع الزواج الجماعي في السودان
تعاسة ودموع في عيون الزوجات!

كتبت هويدا عوض الله من الخرطوم:
دموع في عيون الزوجات، وملامح تعاسة على وجوههن. لقد أفلتن من أسوار العنوسة، ولكنهن دخلن أسوار الضائقة المعيشية، فالزوج لا يستطيع الإنفاق ولا يستطيع أن يؤسس البيت المستقل عن أسرته. هؤلاء الزوجات هن اللاتي أعياهن الانتظار، فاستجبن لمن عرض عليهن أن يتم زواجهن بواسطة مشروع الزواج الجماعي الذي بدأ تطبيقه منذ عام في السودان. والآن بعد أن دخلن قفص الزوجية، مازلن في انتظار أن يتمكن الأزواج من القيام بأعبائهم الأسرية.

تقول "ليلى" : كنت في البداية مترددة، ولكنني في النهاية وافقت ابن عمي وخطيبي، وتم الزواج الذي مضى عليه الآن عام كامل، وحتى هذه اللحظة. وإلى مدى لا يعمله إلا الله، مازلت أعيش مع أسرة زوجي لأنه لا يستطيع أن يوفر لي بيتاً مستقلاً. وهذا يجعل المشاكل بيني وبين أسرته لا تنتهي.

نفس المشكلة تحكيها زينت فضل السيد "أم لثلاث بنات" فتقول: في البداية كنت سعيدة بمشروع الزواج الجماعي، وزوجت من خلاله بناتي الثلاث، ولكنهن بعد زواجهن مازلن يعشن معي في بيتنا الصغير الذي لا يتسع للأسرة المكونة من زوجي ووالدته وجدة البنات، والسبب أن ظروف أزواجهن لا تسمح بانتقالهن إلى بيوت مستقلة! ولكن ماذا نفعل أننا نتظاهر أمام الناس بالسعادة حتى نسلم من كلامهم، ولكن الحقيقة غير ذلك.

الصحفي زين العابدين أحمد يؤكد أن الذين تزوجوا عن طريق الزواج الجماعي هم أكثر معاناة من الذين لم يتزوجوا، والسبب هو إغفال أهم المقومات المطلوبة للزواج، وهو كيفية الإنفاق مستقبلاً، فالزواج ليس مجرد تكاليف مراسم.

ويعلق التاجر علاء الدين محمد حامد بقوله أن الإحجام عن الزواج ناتج من غلاء المعيشة، وعدم وجود مسكن لبيت الزوجية، أما الزواج الجماعي فهو حل جميل ومناسب لمشكلة غلاء المهور فقط.

أما الطالب الجامعي عمر أحمد عمر فيشير إلى أن هذا الحل الذي اتجهت إليه بعض المؤسسات هو حل سطحي يحصر المشكلة في كيفية إقامة حفلات الزواج، بينما الحقيقة غير ذلك. ويجب أن نسأل أنفسنا: هل وفر هذا الحل مقومات الحياة الزوجية، أم أنه سيؤدي في النهاية إلى أعداد هائلة من الأطفال لطابور من النساء المطلقات؟

هذا ما يؤكده المحامي أحمد عامر جمال الدين الذي يرى أن ذلك العلاج قاصر ولا يمس لب المشكلة التي لا تكمن في متطلبات الزواج فقط، بل تتعدى ذلك إلى كيف تكون الحياة بعد الزواج؟

محاورة جانبية:
د. جلال (حسين فهمي): لو كنت صرصار، كنت دورت على أي صرصارة وعشنا في أي بلاعة!
(من فيلم: انتبهوا أيها السادة)
(الصورة لفرح نوبي، والفيديو من الموسوعة النوبية)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق