‏إظهار الرسائل ذات التسميات This side up. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات This side up. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 24 سبتمبر 2018

تكريم شخصيات قدموا النوبي بشكل طيب



لا أقبل على نفسي تقليد الآخرين, ولا اقبل لنوبتي أن تقلد أحداً,  ولكن الأحداث التي تجري أمامي, تذكرني بأفكار قديمة, عسى أن تجد طريقها للتطبيق. مثال ذلك الخبران اللذان نشرتهما جريدة القبس الكويتية في عددها الصادر بتاريخ 9/3/2002:

-         الأول: حصول فيلم "أيام السادات" على جائزة أحسن فيلم في مهرجان السينما المصرية الخمسين,  بالإضافة إلى فوز أحمد زكي بطل الفيلم على جائزة أفضل ممثل, والمخرج محمد خان كأفضل مخرج,  بالإضافة إلى جوائز أفضل فيلم وأفضل مسلسل وأفضل ممثل تليفزيونيين لأفلام أخرى, ينظم هذا المهرجان "المركز الكاثوليكي للسينما" !
-         الثاني: أمسية موسيقية في بيروت برعاية وزير الاعلام الكويتي ممثلاُ بالسفير الكويتي, مهداة إلى سمو أمير دولة الكويت بمناسبة العودة إلى ارض الوطن سالماً معافى من مرضيه الأخير,  أقامته "جامعة روح القدس" !

ما يلفت النظر أن الجهتين مسيحيتان, إلا أن ذلك ليس هدفاً مقصوداً من قضيتي اليوم,  والصدفة وحدها هي التي جمعت بينهما في يوم واحد,  ولكن يهمني أسلوب الجهتين في إيجاد طريقهما إلى الاعلام, ووضعهما ما قاما به تحت الأضواء, بواسطة نجوم الفن تارة, ومناسبة هامة لشخصية هامة جداً  VIP تارة أخرى,  وهما إحدى الأساليب الإعلامية الحديثة.

أين المؤسسات النوبية التي تعد بالمئات من هذا الأسلوب في جذب الاعلام؟  إننا نقيم الدنيا ولا نقعدها إذا أساء إلينا أحد,  ولا نجازي من يقدم الشخصية النوبية بشكل إيجابي وفي دور لائق لماذا لا أعرف؟  كأن من واجب الآخرين أن يقدمونا بشكل جميل ولا يقابل ذلك بالشكر,  أم أن لا شكر على واجب عندنا ؟!

أحمد زكي ممثل قدير ونجم, قدم فيلم أو أكثر يمثل فيهم شخصية نوبية.  أتذكر منها "سواق الهانم",  يستحق عليها الإشادة,  حيث يقوم بشخصية حمادة, الذي يحمل قيم قريته النوبية من تواضع وحب الخير والإصلاح.  فلا يفرق بين غني وفقير, يقبل بالعمل كسائق, يتظاهر بالأمية رغم حصوله على المؤهل العالي. يقوم بإصلاح اعوجاج جميع أفراد أسرة الهانم. وسنعود إلى تفصيل فيلم "سواق الهانم" في موضع مناسب آخر.

          إن العمل الإيجابي المتمثل في تكريم أعمال أو شخصيات هامة, أسلوب راقي يضاف إلى المُكرمين,  أفضل بكثير من اجتماعات تتم وتنفض دون تقديم عمل ملموس أو تنحصر في تكريم شخصيات لا نجومية لها في الساحة المصرية أو العربية، مع احترامي لاساتذتنا النوبيين في جميع المجالات، الذين يكرمون وحقهم علينا في شكرهم وتقديرهم.
            وأكرر اقتراح سبق تقديمه وهو أن تتبنى هيئة نوبية هذا العمل من خلال صندوق منفصل يخصص لهذا الغرض، ولتكن نوبيان جروب بقيادة رضا حسن، الذي سبق الهيئات النوبية الأخرى – حسب علمي – في خوض هذا المضمار.

الثلاثاء، 26 يوليو 2016

لماذا تخلف النوبيون في المجال الصناعي؟

عرفنا في وقت سابق لماذا تخلف النوبيون في المجال الزراعي. واليوم نتعرف لماذا تخلف النوبيون في المجال الصناعي.
في كتابه الرائع " فن صياغة الحلي الشعبية النوبية", 1981, يشير الدكتور على زين العابدين إلى بعض أسباب تخلف النوبيون في المجال الصناعي أهمها تلك التي تتأثر مباشرة بالقيم الثقافية.
مقدمة
نعني بـ "القيم الثقافية" تلك المشاعر والأحاسيس والأفكار والمعتقدات والمواقف والاجتهادات والتطلعات والرغبات التي تملاً فكر الإنسان والتي يكتسبها من البيئة والمجتمع وتشكل عوامل حاسمة في عملية تسيير التنمية وتوجيهها.
يقول د. محمد الرميحي أنه إذا كانت الأدوات الهامدة (الطبيعية) لا تقاوم مستخدميها، ولا تمتعض منهم ولا تجفل. فإن الإنسان تاريخ, وهو لا يستطيع تطوير كل موروثاته الثقافية، بل قد تقف بعض الموروثات عقبة أمام بعض الخطوات التنموية.
نعود إلى الدكتور زين العابدين الذي يرى أن نفور النوبيون من بعض الأعمال الحرفية أو الصناعية, ذلك النفور الذي نتج عن ثقافتنا, هو سبب تخلفنا في المجال الصناعي. فيذكر في ص 239 من كتابه المذكور آنفاً, أنه "لم يكن المجتمع النوبي في الماضي القريب – العصر الحديث – مجتمعاً صناعياً أو حرفيا, فكل الدلائل تشير إلى أن الحرف كانت قليلة وأغلبها لا يمارسها أهالي النوبة أنفسهم, بل يمكن القول أنهم ينفرون من ممارسة الكثير منها, ويكادون لا يعرفون سوى الزراعة البسيطة وتربية الماشية".
وفي ص 243 يرى أن بعض الصور التي رسمها ريفو (1820) عن النوبيين والنوبيات في احتفالاتهم, نلاحظ أن النساء يتحلين بالحلي التي تبدو كالمصاغ الفضي أو الذهبي, غير معروفة المصدر, أهي مستوردة من مصر, أم هي من صناعة صياغ النوبة ؟ ولو "إن هذا الأمر الأخير يبدو في ظاهره بعيد الاحتمال نظراً لعدم تقدير أغلب أهالي النوبة لمثل هذه الحرف ومن يحترفها, إذ يعتقدون أنها تحط من شأن الرجل الذي يعمل بها وينظرون إليه نظرة فيها كثير من الدونية".
ويذكر أن الحرف في المجتمع النوبي تنقسم إلى نوعين من حيث نوع الشخص الذي يمارسها, وهي الأعمال التي يمارسها الذكور, والأعمال التي تمارسها الإناث. وفي الوقت ذاته تنقسم الحرف التي يمارسها الذكور إلى نوعين: الحرف التي يمارسها النوبيون, وأخرى لا يقبلون على ممارستها وإنما تترك لأشخاص من خارج المجتمع النوبي. والأخيرة هي الحدادة وصناعة الطوب والنسيج وأعمال النجارة الخاصة بصنع الأثاث وتصليحه, والعمل الزراعي مقابل أجر, بالإضافة إلى صيد السمك بغرض البيع الذي كان في النوبة الأصلية. ص 243.
كما كان رجال من قرى صعيد مصر يتجولون في القرى النوبية الأصلية, مثل صائدي الأسماك والحدادين وصانعي الطوب والنجارين والنساج والحلاقين ليقدموا هذه الخدمات, وكان النوبيون يطلقون في الماضي على هؤلاء الأشخاص "الحلب" . واستمدت هذه الحرف خاصيتها التي ألصقها النوبيون بها من المنزلة والمكانة الاجتماعية المنخفضة للأفراد الذين كانوا يمارسونها في الماضي بحيث أصبح النوبيون يرفضون ممارستها. فإن ممارسة النوبي لإحدى هذه الحرف كفيلة بأن تجعل منزلته الاجتماعية تدنوا إلى منزلة أصحابها, فالنوبيون عامة يظهرون كثيراً من الشعور بالاحتقار إلى هذه الحرف ويعتبرون من العار أن يمارس النوبي إلية حرفة منها لأن ذلك كفيل بأن يخفض منزلته الاجتماعية. ص 244.
كما أن لفظ أجير الذي يوجهه الشخص للأخر يثير النزاع الذي يصل إلى العنف لما يتضمنه من معنى التبعية والعبودية والسخرية. لذلك يرفض النوبيون تماماً العمل لدى الغير مقابل الأجر بالرغم من شدة حاجة الزراعة في القرى الجديدة إلى الأيدي العاملة. ص 245.
والملاحظة الأخيرة في منتهى الخطورة, إذ كلمة "الغير" هنا لا تعني كل الآخرين, بل تقتصر على أهله النوبيين! فالنوبي هنا لا يقبل العمل لدى نوبي آخر مقابل أجر, ويقبل أن يعمل لدى غير النوبي في أعمال أخرى وفي أماكن أخرى, لا تعود بأية فائدة تذكر على منطقته النوبية التي هي في حاجة ماسة وضرورية له كما سنرى لاحقاً. هذا من جهة, ومن جهة أخرى, يبدو تأثير هذه القيم (رفض النوبي العمل بأجر لدى نوبي آخر) وبالتالي رفض النوبي إعطاء أجر لنوبي آخر مقابل خدمات يقبل على دفع مقابل لها إذا قدمها له غير النوبي, مثال ذلك الخدمات الإعلامية مثل الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت النوبية, الأمر الذي أدى إلى توقف تلك الخدمات بعد وقت قصير من بدئها, أو عدم تطورها إذا استطاعت أن تستمر كما هو الحال في النشاط الثقافي والإعلامي في الجمعيات النوبية.
كل هذه الأسباب وغيرها أدت إلى هجرة الشبان والرجال القادرين على العمل, الذي ترتب عليه عدم وجود كثير من الحرف أو الصناعات في بلاد النوبة حيث أن الحرف والصناعات تحتاج إلى أيدي عاملة نشطة شابة وهذه الأيدي تنزح إلى الخارج. فإذا بلغ عدد سكان منطقة النوبة الأصلية حوالي 99 ألف نسمة فمنهم حوالي 50 % مغتربين عنها سعياً وراء الرزق. ص 241.
كما أن " نسبة عدد الرجال المقيمين في القرى الذين تقع أعمارهم بين 15, 40 عاماً تبلغ 25.2% من جملة عدد السكان"! ونسبة الإناث اللاتي كن يعملن بالزراعة في النوبة الأصلية (القديمة) 54.5% ! ص 241.
وإذا أضفنا إلى ذلك عدم توفر العوامل التقليدية لقيام الصناعة في النوبة الجديدة مثل الأيدي العاملة الماهرة, والمواد الأولية .. الخ. لعرفنا سبب عدم قيام أي صناعة في النوبة الآن. علماً أن كثير من الجماعات استطاعت أن تقفز على هذه العوامل لتضع نفسها في مصاف الجماعات المتقدمة مثل تجربة قرية البسايسة المصرية.

الاثنين، 25 يوليو 2016

الأقارب والأرحام

قيل إن أهل قرية كانت لهم بئرا يستقون منها، وحصل أنهم كلما أدخلو الدلو في البئر أتى الحبل بلا دلو!!!
وتكررت هذه الصورة حتى كانت مصدر ازعاج لعدم إدراك معرفة السبب، حتى قالوا أنها بئر مسكونة من الجن، وقالوا فيما بينهم نريد أحدًا يدخل البئر ويأتنا بالخبر
فكلهم رجع القهقرى، وأبوا أن يدخلوها، خوفا من مغبتها!!!
فانتدب لتلك المهمة أحدهم على أن يأتوا بحبل يربطوه فيه ويدخل، ولكن هذا الرجل اشترط أيضا أن يأتي أخوه ويمسك معهم الحبل الذي سوف يربطوه فيه
فاستغرب أهل القرية من شرطه وطلبه، وهم مجموعة وأقوياء للقيام بهذه المهمة، وحاولوا اقناعه دون جدوى، ولم يكن أخوه وقتئذ حاضرا.
وافق أهل القرية على طلبه، وأتوا بأخيه، ليمسك معهم الحبل، ودخل الرجل في هذه الغياهب، ليستشرف الخبر، فوجد قردًا داخل البئر هو الذي يطلق الدلو داخل البئر
فحمل القرد على رأسه دون أن يخبرهم وقال لهم اسحبوا الحبل فلما دنا من فم البئر نظروا شيئًا غريبًا خارج من البئر، فظنوا أنه شيطان، فتركوا الحبل وولوا هاربين ولم يبق أحد يمسك بالحبل إلا أخوه
*فظل ماسكا بالحبل خوفًا على أخيه*
👈خرج الأخ من البئر، وحينها عرف الجميع أن الله قد جعل أخاه سببا في نجاته ولولا ذلك لتركوه يسقط ليلقى حتفه داخل البئر.
🍀💠فالله الله بإخوانكم وذوي أرحامكم صلوهم ولو قطعوكم أعطوهم ولو حرموكم فإنكم في وقت الشدة تجدونهم قريبون جدا منكم.
- منقول - 

الأقارب والأرحام

قيل إن أهل قرية كانت لهم بئرا يستقون منها، وحصل أنهم كلما أدخلو الدلو في البئر أتى الحبل بلا دلو!!!
وتكررت هذه الصورة حتى كانت مصدر ازعاج لعدم إدراك معرفة السبب، حتى قالوا أنها بئر مسكونة من الجن، وقالوا فيما بينهم نريد أحدًا يدخل البئر ويأتنا بالخبر
فكلهم رجع القهقرى، وأبوا أن يدخلوها، خوفا من مغبتها!!!
فانتدب لتلك المهمة أحدهم على أن يأتوا بحبل يربطوه فيه ويدخل، ولكن هذا الرجل اشترط أيضا أن يأتي أخوه ويمسك معهم الحبل الذي سوف يربطوه فيه
فاستغرب أهل القرية من شرطه وطلبه، وهم مجموعة وأقوياء للقيام بهذه المهمة، وحاولوا اقناعه دون جدوى، ولم يكن أخوه وقتئذ حاضرا.
وافق أهل القرية على طلبه، وأتوا بأخيه، ليمسك معهم الحبل، ودخل الرجل في هذه الغياهب، ليستشرف الخبر، فوجد قردًا داخل البئر هو الذي يطلق الدلو داخل البئر
فحمل القرد على رأسه دون أن يخبرهم وقال لهم اسحبوا الحبل فلما دنا من فم البئر نظروا شيئًا غريبًا خارج من البئر، فظنوا أنه شيطان، فتركوا الحبل وولوا هاربين ولم يبق أحد يمسك بالحبل إلا أخوه
*فظل ماسكا بالحبل خوفًا على أخيه*
👈خرج الأخ من البئر، وحينها عرف الجميع أن الله قد جعل أخاه سببا في نجاته ولولا ذلك لتركوه يسقط ليلقى حتفه داخل البئر.
🍀💠فالله الله بإخوانكم وذوي أرحامكم صلوهم ولو قطعوكم أعطوهم ولو حرموكم فإنكم في وقت الشدة تجدونهم قريبون جدا منكم.
- منقول - 

الجمعة، 22 يوليو 2016

القرابة نعمة أم نقمة


قال تعالى: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى .."

          القرابة موضوع هام وكبير،  شغل السياسيين والمفكرين وعلماء النفس وغيرهم من زمن طويل.  ثم أصبح علما بذاته، هو الانثربولوجي.  يقول العالم بنيدهام: "إذا سأل عما يفعله الأنثربولوجيون الاجتماعيون، لكانت دراسة القرابة حتما هي الإجابة".
          والأقارب هم عصبة الفرد،  إلا أن تعريف ابن خلدون للعصبة أوسع معنى من المألوف. فالعصبة عنده تضم فئتين، الأولى هم الأقارب العاصبون، الذين يجمعهم الانتماء الواحد المشترك إلى سلف واحد، هو مؤسس العصبة، وتتسمى في الغالب باسمه. والثانية تشمل الأعضاء الحلفاء والموالي والأتباع، منهم من يرتبط بالفئة الأولى عن طريق الأم، أو يرتبط به.

ما فائدة الأقارب أو العصبة ؟
ولماذا ضعفت الروابط بالأقارب في العصر الحديث؟
          يؤكد ابن خلدون على أهم حاجتين للإنسان، أولهما الحاجة إلى الطعام، وثانيهما الحاجة إلى الأمن والحماية.
وإذا كانت الحاجة إلى الطعام واضحة، إلا أن الحاجة إلى الأمن والحماية وعلاقتها بالأقارب غير واضحتين خاصة لساكني المدن في العصر الحديث.  وذلك لأن هاتين المسألتين توكل إلى آخرين ليسوا بالضرورة أن يكونوا أقارب لنا بالمعنى الضيق لمعني القريب. ولكنهم أبناء وطننا الذي ننتمي إليه.  فالوطن أو الدولة الحديثة توفر لنا الأمن والحماية من خلال رجال الشرطة والجيش،  كما يوفر لنا آخرون من أبناء الوطن سبل التكافل الحديث من خلال شركات التأمين والجمعيات الخيرية والأوقاف وغيرها من المؤسسات الوطنية.  وما وفره الوطن من الأمن والحماية هي إحدى أسياب ضعف العلاقة بين الأقارب في المدينة والريف كما يذكر ابن خلدون. كما أن ما وفرته بعض الدول في العصر الحديث من دخل لكل المواطنين منذ ولادتهم كانت من أسباب ضعف العلاقة بين الأبناء والآباء كما صرحت بذلك احدى منظمات الأمم المتحدة.

          يؤكد ابن خلدون على أسباب أخرى رآها في المجتمع الحضري في عصره، ومازالت موجودة حتى الآن،  كانت سببا في ضعف العلاقة بين الأقارب، منها غلبة المصالح الشخصية على مصالح العصبة، ولوجود النظم الاجتماعية التي تؤدي نفس هذا الدور، ولأن الظروف الحضرية تؤدي إلى نمو فكرة الأسرة، ونمو كل ما هو خاص ومتعلق بمصلحة الشخص عما هو متعلق بالجماعة من حقوق.
          ويضيف سبب آخر،  وهو ظهور الصداقة والمحبة والأيديولوجيا السياسية كمصدر للعصبة في المجتمعات الحضرية، بجانب المصاهرة والنسب الصريح والولاء والحلف.

          سؤال أخير،  هل هناك علاقة بين أمراض العصر وبين ضعف العلاقات الحميمة بين الأقارب؟
          نعم،  هذا ما يؤكده علم النفس المعاصر،  وهو أن هناك علاقة بين أمراض العصر، وبين ضعف العلاقات الحميمة بين الأقارب.
          فقد اكتشف فريق (لنش) أستاذ علم النفس ومدير العيادات النفسية - كلية الطب - جامعة ماريلاند،  عن طريق استخدام تقنية الدماغ الإلكتروني، أن ضغط الدم يرتفع بنسبة تتراوح بين 40، و50 %  إن كنت تتحدث مع غرباء !
          وقد أثبت الأستاذ (لنش) بالأدلة الدامغة في كتابه "القلب الكسير" أن العلاقات السعيدة مع الأقارب والأصدقاء وبين الزوجين، لا تفيد الصحة العقلية فحسب، بل ربما تقي المرء من أمراض القلب، أحد أخطر أمراض العصر.
          وتنسب إحدى المتخصصات في علوم الأسرة، سبب كثرة مشاكل ومعاناة الأولاد وتربيتهم الآن في مجتمعاتنا العربية ، إلى الأسرة النووية (المكونة من الأب والأم والآولاد)، والتي لم تكن موجودة في الأسرة العربية الممتدة قديماً، والتي كانت مكونة من أب وأم وأولاد وجد وجدة.  
          فالأقارب يلعبون دورا هاما في حياة الفرد كما أثبت العلم الحديث،  ومن قبل أحاط الدين الإسلامي العلاقات بين الأقارب (الأرحام) بكثير من القدسية.
          بقى أن نعرف من هو القريب كما يعرفه ابن خلدون في مقدمته، كأجمل تعريف عرفته حتى الآن.  وهو أن القريب هو من يجد في نفسه غضاضة من ظلم قريبه، أو العداء عليه، ويودّ لو يحول بينه وبين ما يصله من المعاطب والمهالك : نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا. 

          إذن القريب ليس ذلك الذي يرى الظلم الذي يقع عليك، فيقف ساكتا.  وليس القريب الذي يعرف بالمصائب التي تحيطك ولا تدري عنه شئ ،  فلا يحذرك أو يتعاون معك لدرئه عنك.  بل هو من تصيبه غصة عندما يراك مظلوما،  ويدافع عنك إذا كثرة الأعادي حولك.  وهو الذي يقف حائلا بين المصائب والمهالك التي قد تصيبك.  

الأربعاء، 20 يوليو 2016

اسباب سوء الفهم بيننا وبين الآخرين

      
      سوء فهم الآخرين عندما تتحدث اليهم أو تكتب لهم يسبب ازعاجاً كبيراً، تصل في بعض الأحيان إلى القتال. وفي علم الأحياء عرفت أول سوء تفاهم أدى إلى عداء دائم، مثل القط والكلب. فالاثنان يعبران عن الفرح والغضب باستخدام الذيل. فبينما رفع الذيل إلى أعلى للكلب يعني الفرح، فهو عند القط يعني الاستعداد للقتال! وهو سبب العداء الدائم بين القط والكلب.
       وقديماً كتب أنيس منصور أنه ليس أسهل من إنتاج الأفكار، ولكن الصعوبة تكمن في عقول مستقبلي الأفكار، وفي الألغام الموجودة في عقل المتلقي للأفكار.
وقال أحد الشعراء:
أرى خلل الرماد وميض نار
\
ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النـار بالعودين تزكـى
\
وإن الحـرب أولها الكـلام
فإن لم تطفئـوها تجر حربا
\
مشمرة يشيب لهـا الغـلام

معوقات الاتصال الرئيسية:
-         معوقات لغوية
-         إساءة استعمال أدوات الاتصال
-         صعوبات نفسية
-         المقاطعة المادية للاتصال
-         معوقات ناشئة عن الفروق الفردية
-         الاختيار الخاطئ لوسيلة الاتصال
-         معوقات تنظيمية
-         غياب المعلومات المرتدة

معوقات الاتصال الفرعية:
1-   اختلاف الثقافات وخاصة عندما يكون المرسل من بيئة وثقافة مختلفة عن بيئة وثقافة المتلقي، وذلك يتضمن القيم والعادات والسلوك الاجتماعي.
2-   فقدان الثقة والإعتمادية كأن يفقد المتلقي ثقته في جدارة وقدرة وصدق المرسل للرسالة، ومن ثم يمكن أن تتحول عملية الاتصال إلى نقاش حاد أو مداخلات تؤدي إلى فشلها.
3-   كثرة المعلومات في الرسالة الواحدة كأن تحتوي الرسالة على معلومات عن إجراءات التوظيف وإجراءات النقل وإجراءات العلاوات وإجراءات الإجازات فيؤدي ذلك إلى اختلاط المعلومات أو عدم استيعابها مرة واحدة.
4-        اختلاف التوقعات واختلاف الفروقات الإنسانية كأن يتوقع المرء من رؤسائه أمور لم ترد في الرسالة.
5-   أن يكون مرسل الرسالة على مستوى علمي عالي بينما متلقي الرسالة محدود التعليم فلا يستطيع بالتالي فهم رموز الرسالة أو يفهمها بشكل مختلف عن أهدافها.
6-   اختلاف المعاني والمفردات بين الأفراد وخاصة أن لكل فرد معاييره الخاصة وقدراته الذهنية والفكرية المختلفة والتي تجعله يفهم الرسالة والكلمات والمضامين بشكل مختلف ولو نسبيا.
7-   اختلاف الجنس وخاصة عندما تكون الرسالة موجهة شفويا خلال اجتماع رجل بامرأة أو العكس وما ذلك إلا لاختلاف طبيعة كل منهما واختلاف سلوكياتهما. فالمرأة مثلا لا ترتاح للرسالة الصادرة بشكل جاف أو كلمات قوية وقد تشعر بالضيق والحرج إذا كان مرسل الرسالة كثير الحركات.
8-   ضيق الوقت الذي حدد لعرض ومناقشة الرسالة والحوار مما يؤدي إلى العجلة وعدم إعطاء فرصة كافية للتأكد من أن المتلقي قد فهم رموز وأهداف الرسالة.
9-   التسرع في تقييم المتلقين للرسالة حول موضوعها أو أهدافها أو التسرع في الاستنتاج وإصدار الأحكام أو تعليقهم على الرسالة دون انتظار إتمامها. وكذلك تسرع المرسل في استنتاج تعليقات أو ملاحظات المتلقي.
10- كثرة استخدام المرسل للعبارات التقريرية أي التي تفيد الحسم كأن يقول المرسل للمتلقي " دائما أكرر لكم هذه الأهداف ولكن لا فائدة من تذكيركم بها".
11-   مقاطعة المتلقي للمرسل وكذلك مقاطعة المرسل للمتلقي وخاصة إذا طلب من الأخير إبداء رأيه أو ملاحظاته.
12-   الغضب والانفعال عند المقاطعة أو الاستفسار وخاصة من طرف المرسل.
13-   الاستئثار بالحديث وعدم ترك الفرصة للمتلقي للمشاركة.
14- استخدام أسئلة الاستدراج كأن يقول المرسل للمتلقي " ألا ترى أنك لم تدرس الموضوع بشكل جيد قبل التعليق عليه ".
15-   التهكم والسخرية من المتلقين بإصدار تعليقات لا داعي لها أو الضحك حين يبادرون بإبداء آرائهم.
16-   التركيز على أخطاء الآخرين لإسكاتهم أو التقليل من شأن معارضتهم.
17-   المجادلة وخاصة عندما يتعلق الأمر بمن هو على حق مما يؤدي للنزاع والخلاف.
18-   ممارسة بعض العادات المعوقة كالتحدث مع من بجوارك وعدم إشراك الآخرين معكما (المناجاة) أو التوقف عن الحديث للرد على المكالمات الهاتفية أو تحويل النظر عن من تحدثهم أو يحدثونك أو تكرار النظر إلى الساعة أو الأوراق الموضوعة على مكتبك.


من يرد المزيد: http://www.yanbu1.com/vb/printthread.php?t=3528&pp=40

الأربعاء، 8 يونيو 2016

عيد الاب



ما هي إلا أيام قليلة تفصلنا عن هذا العيد، الذي لا تحتفل ولا تحفل به الأمة الإسلامية!
بداية، مع الاعتذار للأباء،  تقول أسطورة هندية:
 خلق الله الحمار و قال له: سوف تكون حماراً، و سوف تعمل منذ مشرق الشمس الى مغربها حاملا كل شي على ظهرك ... سوف تأكل الحشائش و لن يكون لديك اي قدرة عقلية ... وسوف تعيش 50 عاما.
اجاب الحمار: يا الله اني اوافق على ذلك و لكن لي طلب ان تجعل عمري 20 عاما بدل من 50 عاما.
فاستجاب له الله.

خلق الله الكلب و قال له: سوف تحرس بيت الانسان و سوف تكون افضل اصدقائه، ستأكل بقايا الطعام الذي يعطيك اياها صاحبك ...  و سوف تعيش 30 عاما.
قال الكلب: العيش لمدة 30 عاما كثير فأرجو ان تخفضهم الى خمسة عشر عاما.
فاستجاب له الله

خلق الله القرد و قال له: سوف تكون قردا تتسلق الاشجار قافزا من غصن الى غصن ... سوف تعيش لمدة 20 عاما ...
فاجاب القرد : نعم و لكني اريد ان اعيش 10 سنين فقط.
فاستجاب له الله

خلق الله الرجل و قال له: سوف تكون افضل الخلائق على الارض وسوف تتمتع بالذكاء مما يجعل كل الارض والحيوانات تخضع لك، وسوف تحكم العالم، وسوف تعيش لمدة 20 عاما فقط.
فاجاب الرجل: يا الله ... سوف اكون رجلا و لكن ان اعيش عشرون عاما هذا قليل جدا ... اعطني الثلاثين عاما الذي رفضه الحمار، والخمسة عشر عاما الذي رفضه الكلب، والعشرة اعوام الذي رفضه القرد.
فاستجاب له الله.

ومنذ ذلك الوقت و الرجل يعيش 20 عاما كرجل حتى يتزوج،  ويقضي 30 عاما كحمار يعمل ويحمل الاغراض على ظهره من مشرق الشمس الى مغربها ... ثم اذا كبرو اولاده يعيش 15 عاما كالكلب يقوم بحراسة البيت، و يأكل بقايا الطعام ... و بعد ذلك وعندما يكبر يصبح عجوزا يعيش عشرة اعوام كالقرد يقفز من بيت الى بيت آخر ومن منزل ابن الى منزل ابنة اخري مقلدا القرد في حركاته و تصرفاته حتى يسعد احفاده.


وكل سنة وانت طيب أيها الرجل...

الأربعاء، 18 مايو 2016

رمضان كرررررريم!


الزوجة: جبت حاجات رمضان ... ولا نسيت زي عوايدك؟
الزوج: جبت ... جبت ...
الزوجة: جبت البلح؟

الزوج: ايوه
الزوجة: جبت عين الحمل والبندق
الزوج: ايوه
الزوجة: جبت قمر الدين والزبيب
الزوج: ايوه
الزوجة: اوعا تكون نسيت المشمشية والقراصيا
الزوج: لأ
الزوجة: وجوز الهند ، والتين والفستق
الزوج: (صمت)
الزوجة: باين عليك نسيتهم ... ما تنساش بكره ... رمضان على الأبواب ... وبالمرة هات : لوز وصنوبر وكركديه أسواني ، وتمر هندي، وخروب ، وما تنساش البسبوسة والكنافة والبقلاوة والكاجو المحمص، وقراميش الصين.
الزوج: ايه قراميش الصين. أول مرة اسمع عنه.

الزوجة: انت بس قوله قراميش الصين ... وهو ح يدهولك.
- منقول -

نحتاج إلى نجاح كل واحد فينا!


في عام 1974 كان مهاتير محمد ضيف شرف في حفل الأنشطة الختامية لمدارس «كوبانج باسو» في ماليزيا، وذلك قبل أن يصبح وزيراً للتعليم في السنة التالية، ثم رئيساً للوزراء عام 1981. قام مهاتير في ذلك الحفل بطرح فكرة عمل مسابقة للمدرسين، وليست للطلاب، وهي توزيع بالونات على كل مدرس، ثم طلب أن يأخذ كل مدرس بالونة وينفخها،
ومن ثم يربطها في رجله، فعلاً‌ قام كل مدرس بنفخ البالونة وربطها في رجله. جمع مهاتير جميع المدرسين في ساحة مستديرة ومحدودة، وقال: لدي مجموعة من الجوائز وسأبدأ من الآن بحساب دقيقة واحدة فقط، وبعد دقيقة سيأخذ كل مدرس مازال محتفظاً ببالونته جائزة! بدأ الوقت وهجم الجميع بعضهم على بعض، كل منهم يريد تفجير بالونة الآخر، حتى انتهى الوقت.
العبرة: وقف مهاتير بينهم مستغرباً، وقال: لم أطلب من أحد تفجير بالونة الآخر؟ ولو أن كل شخص وقف من دون اتخاذ قرار سلبي ضد الآخر، لنال الجميع الجوائز، ولكن التفكير السلبي يطغى على الجميع، كل منا يفكر في النجاح على حساب الآخرين.
هذا هو الفرق بين التفكير الايجابي والتفكير السلبي، وبين تفكير الدول المتقدمة أو التي تريد أن تتقدم، وبين الدول المتخلفة، وبين الناس التي تساعد بعضها على النجاح وبين الناس التي تعوق بعضها ليفشل الجميع. المثل الفرنسي يقول: دعه يعمل ... دعه يمر.

فنحن نحتاج إلى نجاح كل واحد فينا

الحلم المصري!

"ليس المهم هو لون القطة الأهم أن تكون قادرة على اصطياد الفئران"!!
الزعيم الصيني الراحل دنج شياو بنج

هل ممكن لدولة نامية أن تحتل اليوم المرتبة الثانية ضمن أكبر اقتصاديات العالم؟
هل ممكن أن تصدر تلك الدولة للولايات المتحدة ما قيمته نصف مليار دولار أميركي يومياً؟
هل ممكن أن الدولة التي لم تشهد أي إنجاز علمي أو تكنولوجي قبل مائة عام وكان عدد الذين يعرفون حساب التفاضل والتكامل فيها لا يتجاوز عشرة أشخاص قد أصبحت اليوم هي الدولة التي نجحت ثلاث مرات في إطلاق سفينة فضاء مأهولة لتكون بذلك ثالث دولة في العالم في تكنولوجيا الخروج من كبسولة مركبة الفضاء؟
لابد أنك عرفت من هي هذه الدولة المعجزة أو الحلم ... إنها الإمبراطورية الصينية!
وأعتقد أننا في مصر أحوج الدول لهذا النموذج لتستكمل الثورة أهدافها وأحلام كل المصريين.
تحت عنوان: هل هو الحلم الصيني حقاً  ، نشرت مؤسسة الفكر العربي على موقعها: http://www.arabthought.org/  ما يلي دون تلخيص لأهمية كل كلمة فيها:
  لعلّ السؤال الذي يجب البدء به هو هل ما حدث ويحدث في الصين اليوم يرقى بالفعل إلى مصاف الأحلام ؟ الحقائق والمقارنات وحدها تقدّم الإجابة وتعفي من أي تنظير. أليس حلماً أن الصين التي كانت منذ ثلاثين عاماً فقط دولة نامية مجهدة ومثقلة بكتلة سكانية هائلة هي التي تحتل اليوم المرتبة الثانية ضمن أكبر اقتصاديات العالم، وهى الدولة التي تصدّر للولايات المتحدة الأميركية وحدها ما قيمته نصف مليار دولار أميركي يومياً، أجل.. يومياً وليس سنوياً أو شهرياً ؟ أليس من قبيل الحلم أن الدولة التي لم تشهد أي إنجاز علمي أو تكنولوجي قبل مائة عام وكان عدد الذين يعرفون حساب التفاضل والتكامل فيها لا يتجاوز عشرة أشخاص قد أصبحت اليوم هي الدولة التي نجحت ثلاث مرات في إطلاق سفينة فضاء مأهولة لتكون بذلك ثالث دولة في العالم في تكنولوجيا الخروج من كبسولة مركبة الفضاء؟
لماذا لا يكون الحلم صينياً والدولة التي كانت تعاني منذ عقود قليلة من أمية متفاقمة وتعليم متواضع قد حصدت جامعاتها أحد عشرة مركزاً متقدماً في تصنيف أفضل خمسمائة جامعة في العالم للعام 2009، والدولة التي أصبحت تملك-باستثناء الولايات المتحدة الأميركية- أسرع جهاز كومبيوتر في العالم، وتخصص في موازنتها للبحث العلمى في العام 2008 نحو 70 مليار دولار أميركي ؟ ألا يرقى الإنجاز الصيني إلى مصاف الحلم حين نعلم أن الدولة التي لا تمتلك سوى 7% من مساحة الأراضي الزراعية في العالم قد نجحت في إعالة وإطعام نحو 20% من عدد سكان العالم لتوفر للشعب بذلك أربعة مليارات وجبة غذاء يومياً؟! لنعترف أن الحلم الإنساني قد أصبح صينياً بامتياز حين نعرف أن الدولة التي يعيش فيها 900 مليون فلاح قد أصبحت هي نفسها الدولة الصناعية الحديثة التي تحتل المركز الثانى عالمياً في صناعة الطاقة، والمركز الثالث عالمياً في صناعة المعلومات، وها هي بصدد تحقيق إنجازٍ مبهر آخر من خلال إنشاء أكبر جيل قادم من الإنترنت حجماً في العالم.
ما الذي حدث بالضبط في الصين؟ لا شكّ أنه سؤال كبير يحتاج إلى إجابة بل إجابات مطوّلة. هل يمكن القول مثلاً لدواعي الإيجاز والتقديم أن كلمة السر في كل ما جرى لا تخرج عن همة المجتمع وإرادة الدولة؟ ربما لا تشبع مثل هذه الإجابة الفضول وقد لا تضيف جديداً، فليس هناك من تقدم في العالم لا تصنعه همة المجتمع وإرادة الدولة. الأرجح أن لكل منا إجابته الخاصة في تفسير الحلم الصيني. وقد يجرنا هذا التفسير إلى الاستغراق في التنظير من دون أن ندري. لكن الواقع- الأكثر بلاغة من كلّ تنظير- يؤكد أن ما حققته الصين في العقود الأخيرة إنما يرجع إلى عاملين أساسين هما البراجماتية والانفتاح. بدأ الفكر البراجماتي الجديد في الصين منذ ربع قرن من الزمان وتحديداً في العام 1984 حين أطلق الرئيس الصيني الراحل دنج شياو بنج مقولته الشهيرة "دولة واحدة بنظامين" وهو يشير إلى قبول الصين بالنظام الرأسمالي المطبق في هونج كونج التي عادت في ما بعد إلى الوطن الأم. كان الصينيون يطمئنون العالم بشأن الحفاظ على النظام الاقتصادي المطبق في هونج كونج وكأنهم يطمئنون أنفسهم وقد عقدوا العزم على أن يصبح النظام الاقتصادي ذاته للصين كلها. الجملة ذاتها تمَّ التعبير عنها بتشبيه صيني آخر في غاية البلاغة يوم قال الزعيم الصيني "ليس المهم هو لون القطة، الأهم أن تكون قادرة على اصطياد الفئران"!! كانت هذه هي الإشارات المبكرة للبراجماتية الصينية الجديدة. لكن هذه البراجماتية لم تكن تعني- لدى الصينيين- أن تتخلّى الدولة عن مسؤوليتها الاجتماعية، ولا سيما في مجالات التعليم والصحة. وهذا وجه آخر لبراجماتية ذكية ومرنة، مخططة ومدروسة.
الانفتاح هو أحد المداخل لفهم مسيرة النهوض الصيني العظيم. فهذا الانفتاح الصيني على العالم هو السبب الذي مكّنهم من أن تصل قيمة الصادرات الجمركية الصينية سنوياً إلى العالم وفقاً لأرقام العام 2008 إلى نحو تريليون و220 مليار دولار أميركي بينما بلغت وارداتها 955 مليار دولار أي بفائض ميزان تجاري قدره 265 مليار دولار. بينما الولايات المتحدة الأميركية تعاني من نقص في ميزانها التجاري يبلغ حوالي 800 مليار دولار أميركي، وبفضل هذا الانفتاح أيضاً استطاعت الصين أن تجذب إليها استثمارات أجنبية وصلت قيمتها إلى 880 مليار دولار أميركي، وذلك منذ بدء الانفتاح في العام 1979 وحتى العام 2006. والصين لم تعد دولة مستقبلة للاستثمارات الأجنبية فقط، بل غدت دولة مصدرة لاستثمارات صينية في الخارج حيث بلغ مجموع الاستثمارات الصينية خارج الصين في العام 2008 أكثر من أربعين مليار دولار أميركي. ومن المؤكد أن هذا التدفق الاستثماري الهائل على الصين لم يكن من فراغ، بل كان نتاجاً لمنظومة من قواعد وضمانات الاستثمار، ومناخاً مشجعاًَ يجب التعرف إليه والإحاطة بظروفه وتفاصيله، ولا سيما أن الصين بقيت دائماً وحتى الآن بلداً لا يأخذ بالليبرالية السياسية، وهذا في ذاته مظهر آخر للأعجوبة الصينية.
وكان طبيعياً أن يزيد الناتج الإجمالي المحلي لهذا البلد الذي يضج بالحركة والنشاط والإنتاج. لكن المدهش أن يصل هذا الناتج المحلي في العام 2008 إلى رقم قياسي ناهز السبعة تريليون دولار أميركي وهو ما يضعها مباشرة بعد الولايات المتحدة الأميركية التي يصل إجمالي ناتجها المحلي إلى 13 تريليون دولار وقبل اليابان التي حققت أربعة تريليون دولار أميركي. ولهذ أصبحت الصين بلداً جاذباً لأدمغته المهاجرة في الخارج وليس بلداً طارداً لها، وهي الظاهرة العكسية المحزنة التي يعاني منها المجتمع العربى. وتحقق الصين أكبر معدلات العودة لباحثيها الدارسين في الخارج إلى أرض الوطن مقارنة بالدول الأخرى.
ومن مظاهر انفتاحها على العالم أن الصين قد أوفدت خلال العشر سنوات الأخيرة ما يزيد على مليون باحث صيني شاب للدراسة والبحث في الدول المتقدمة، ويبلغ معدل عودة هؤلاء إلى الوطن الأم بعد انتهاء دراستهم أكثر من 90% من عدد الذين سافروا.
ولم يكن الانفتاح الصيني على العالم مجرد حاجة اقتصادية أو تكنولوجية فحسب، إنه رؤية استراتيجية شاملة ومتكاملة الجوانب تضم الثقافي والاجتماعي جنباً إلى جنب مع الاقتصادي والتكنولوجي. وكان تعلّم اللغة العربية أحد أدوات الانفتاح الصينى على العالم العربي. يأسرونك حين يقولون لك أننا متشابهون في التاريخ والحضارة والمعاناة. ويفضلون استخدام كل ما يشتق من كلمة الصداقة فلا يشعرونك أبداً أنك مجرد سائح أو متعاقد في صفقة أو مشارك في مؤتمر، مع أنك بالفعل أحد هؤلاء!! ومع أن الدوافع الحقيقية للانفتاح الصيني على العالم العربي هي دوافع اقتصادية وتجارية في المقام الأول إلا أن استخدامهم الشائع لكلمة الصداقة تعطي للمسألة بعداً إنسانياً دافئاً ربما تحتاج إليه في برد بكين الشديد !
ولكي يواجه الصينيون متطلبات الانفتاح على العالم العربي كان هذا التيار الجارف لتعلم اللغة العربية. فهناك اليوم أكثر من عشرين جامعة صينية يوجد بها أقسام لتعلم اللغة العربية وفي بكين كلية مستقلة لتعليم اللغة العربية. وفي كل عام يلتحق نحو 600 طالب صينى بهذه الجامعات والمعاهد لتعلم اللغة العربية. ولا شك أنهم يرون في العلاقات مع العالم العربي جزءاً من مستقبلهم الاقتصادي والتجاري. ولا شكّ أنهم منشغلون إلى حد الأرق بمسألة الطاقة واشباع حاجتهم التنموية المتزايدة من النفط. ولنا أن نتخيل أنه لا يوجد في الصين حالياً أكثر من 40 مليون سيارة، وبالتالى فلو ارتفع مستوى المعيشة بحيث يصل معدّل اقتناء السيارات إلى سيارة واحدة فقط لكل أسرة فلن يكفي الصين وحدها كل الإنتاج العالمي السنوي من النفط!!
وبالأمس نشر الكاتب سامي الإبراهيم، جريدة القبس، تحت عنوان: الزراعة خارج الحدود المحلية تحليلاً قيماً للصين أيضاً، ألخصه فيما يلي:
نُشر في نشرة متخصصة «لاند - ماتركيس» في أمور الزراعة والغذاء خبر يقول إن الصين رغم مساحتها الشاسعة تمتلك - أي الصين - أكبر مساحات زراعية خارج حدودها، تليها المملكة العربية السعودية ثم الإمارات، وتأتي قطر رقم 13 عالمياً من حيث ملكيتها أراضي زراعية خارج حدودها، تلك الملكيات موزعة في أفريقيا، شرق آسيا، دول جنوب أميركا اللاتينية... إلخ. استراتيجية ذكية هي استثمار حقيقي وذكي ومُجد أيضاً، عمره يمتد إلى ما لا نهاية إذا ما وظفت تقنية الزراعة الحديثة وتعاملنا مع العمالة الوطنية كشركاء محترمين، لا كعبيد، هو ليس كبقية السلع (النفط) مهما طال عمره فله نهاية، ونهايته كارثية  للدولة غير المنتبهة وليست قارئة جيدة للمستقبل، في جانب آخر هو أيضاً مجز لكل الأطراف، الطرف الذي امتلك الأرض وعمّرها، ومجز أيضاً للدول وشعوبها صاحبة الأرض الأصلية. فرص عمل غير محدودة، توطين للعمالة المحلية، وإذا ما التفتنا إلى الأمر أو الأمور الرديفة للزراعة، فهي كثيرة ومتنوعة، منها، على سبيل المثال لا الحصر، تربية الماشية، مزارع الدواجن، مصانع لمنتجات الألبان وأيضاً بناء مستودعات لتخزين الفائض من الإنتاج.

ويختم المقالة بكلمات دقيقة: ونرجو ألا نستمر نحن هنا في قراءة التاريخ وحده.