الخميس، 7 يوليو 2016

أكثر من مليونين جنيه مصري قدمها العمل التطوعي النوبي بالكويت



يعتبر الشعب الأمريكي أكثر شعوب العالم في العمل التطوعي، ويقدر ما يقدمه هذا الشعب في هذا المجال بملايين الدولارات!
العجيب ليس في هذا الخبر، وإنما العجيب أننا كنوبيين ، وكجزء من العالم الإسلامي، نقدم العمل التطوعي منذ وقت طويل، ولدينا مؤسسة كبيرة (شبكة الجمعيات الأهلية)، ولم نقدم تقييماً للعمل التطوعي سواء على مستوى العالم الإسلامي أو العربي أو المصري أو حتى النوبي!
السؤال: هل نستطيع وضع تقييم للعمل التطوعي النوبي بالكويت؟ الإجابة: نعم، سأحاول.
بما أن الاتحاد مكون من 12 عضواً
وبما أن متوسط الراتب للعضو 400 د.ك.
ويعمل العضو 3 ساعات في الأسبوع على الأقل متطوعاً
إذن قيمة ساعة العمل التطوعي 2 د.ك.

وبما أن عدد ساعات عمل العضو في الشهر 12 ساعة
إذن قيمة عمل الاتحاد في الشهر = 12 × 12 × 2 = 288 د.ك.
، وقيمة عمل الاتحاد في السنة = 288 × 12 = 3456 د.ك.
، وقيمة عمل الاتحاد في 3 سنوات (مدة الاتحاد) = 3456 × 3 = 10.368 د.ك.

وبما أن الاتحاد النوبي يبلغ الآن أكثر من 30 سنة (هذه تقديرات عام 2000)
إذن قيمة العمل التطوعي النوبي في الكويت منذ إنشاؤه = 10.368 × 10 = 103.680 د.ك.
(فقط مائة وثلاثة ألفا وستمائة وثمانون ديناراً كويتياً) يعادل بالجنيه المصري حوالي 2,073,600 ج.م . (مليونان وثلاثة وسبعون ألفا وستمائة جنيها مصرياً).

واحسبوها ورايا، وصححوا.

السؤال: إذا كان هذا الوقت الذي يعادل أكثر من مليونين من الجنيهات المصرية تم صرفها من جهد العاملين بالاتحاد النوبي بدولة الكويت خلال السنوات السابقة وحتى الآن. لماذا لا نشعر بهذه الخدمة التطوعية؟

إن الذي يبقى من أعمال الإنسان هو ما كتبه وذو فائدة، ويدخل في ما كتبه الذي تم تسجيله على أشرطة ووسائط حديثة، بالإضافة إلى ما تركه من نقوش ورسوم وتصاوير فنية رائعة.

ولأن النوبي يؤمن كمسلم – أن العمل الطيب يكون لوجه الله فقط، بل يؤمن بشدة أن الإعلان أو الإعلام عنه يضيع بركته وثوابه. لذلك لا يحرص النوبي على تسجيله بأي من الطرق المذكورة، إلا في حدود التوثيق للرد على من يستفسر أو يريد أن يعلم اين تذهب هذه الجهود التطوعية والأموال.
سؤال أخير: هل ما قدمه الاتحاد خلال 30 سنة كاف ؟
والسؤال بطريقة أخرى: لماذا لم تتطور الخدمة النوبية التطوعية رغم مرور أكثر من 30 سنة لها في الكويت؟!

الإجابات عديدة، ووجود خلل أو اختلالات حالت دون تطورها كثيرة، من أهمها من وجهة نظري:

1- البداية دائماً من الصفر في كل مجلس إدارة: واسبابها كثيرة منها، أن المجلس الجديد عادة يكون ممن هاجموا وانتقدوا وعارضوا المجلس القديم، وبالتالي قطعوا صلتهم بهم، والأعضاء الجدد من جهة أخرى يرون أنهم مستغنين بقدراتهم وإمكانياتهم الشخصية عن قدرات المجالس السابقة وخاصة الأخيرة.  وعليه، لا يتم الاستفادة من أخطاء الماضي، ولا الاستفادة من نجاحاته أيضا في التطوير والارتقاء.

2- التوقف عن التعليم المستمر: يحضرني هنا قول نورمان شوارزكوف – قائد قوات التحالف في تحرير الكويت: "عندما عينت في عام 1989 برتبة جنرال مسؤول عن عموم قواتنا في الشرق الأوسط, اتجهت إلى معهد الاستراتيجية في البنتاغون, وسجلت في عدد من المواد الدراسية. وكنت أجلس في الصف الأول استمع إلى المحاضر وأكتب وأقرأ عن كل شئ في الشرق الأوسط, رغم أنني عشت طفولتي هناك مع والدي في ايران, وأعرف الكثير عنه, إلا أنه كان لابد من الدراسة". والكلام واضح، فبالرغم من اختياره من أكبر الجهات كافضل من يقوم بهذه المهمة، إلا أنه يعرف نفسه أكثر، كما أنه حريص على أن يؤدي الخدمة لبلده بأفضل ما يمكن.
وإذا علمنا أن في أمريكا وحدها 255 كلية متخصصة في العمل التطوعي، نعرف حجم جهل أغلب المتطوعين لدينا بفن العمل التطوعي كل في مجاله سواء الإعلامي أو الرياضي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، أقول أغلب لأنني علمت بالصدفة أن منا من حصل على دورات في العمل الجماعي مثل الكابتن سيوفي صيام رحمه الله.
وبالتالي فبالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من اللجان والاتحادات النوبية بالمقارنة بالهيئات المشابهة في دول العالم المتقدم، إلا أننا لا نجد ثمرة توازي هذه الجهود.

3- عدم تغير نظرة النوبي إلى العمل الإجتماعي: رغم أن العمل الاجتماعي النوبي بالكويت بدأ بهدف قريب هو إقامة دورات رياضية في كرة القدم، وبإدارة سميت "اللجنة الرياضية"، وكان الهدف البعيد هو الوصول إلى تماسك اجتماعي نوبي لا يفرق بين اقسامه الثلاثة (فديجة – متوكي – عرب)، وهدف اقتصادي هو اقامة مشاريع تنموية صناعية وتجارية وزراعية في النوبة الجديدة، وهدف ثقافي هو رفع نسبة التعليم بين أبناء النوبة، والاهتمام بالتراث الثقافي النوبي، وخلق أجيال نوبية تشارك في الإبداع المصري والسوداني والعربي والإسلامي والإنساني.
لذلك طورت القيادة النوبية اللجنة الرياضية إلى رابطة نوبية، ثم إلى لجنة عامة، وأخيراً اتحاد نوبي.
ورغم ذلك مازالت أغلب القيادات والجماهير النوبية في الكويت تنظر إلى الاتحاد على أنه "لجنة رياضية"، فإذا خسرت إحدى الفرق مباراة أو بطولة، انسحبت من كل لجان الاتحاد سواء الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية!
والعجيب أن تتضامن بعض القرى مع القرية المنسحبة وتنسحب من المشاركة في كل اللجان أيضا!

ما هو الحل؟

التاريخ الاجتماعي البشري يعرفنا أن اجتماع الأسرة أدت إلى تكوين الحارة، وأن اتحاد الحارات أدت إلى تكوين القرية أو المدينة، وأن اتحاد المدن أدت إلى تكوين الدولة، وأن اتحاد الدول أدت إلى تكوين منظمة الأمم المتحدة.

صحيح أن بعض العقول تتوقف عند الحياة الفردية، ولا تتعدى إلى الحياة الأسرية، وعقول أخرى تتوقف عند تكوين الأسرة ولا تتعدى إلى تكوين وحدة الحارة، وهكذا في تكوين المدن أو الدول أو الأمم المتحدة.

إلا أن العلم والتربية والثقافة استطاعت أن تدفع بالكثيرين إلى الوعي الأسمى بالبشرية وضرورة تطويرها، والنموذج النوبي الانساني العالمي موجود، ويتمثل في الملياردير محمد فتحي إبراهيم، الذي استطاع أن يخرج من الاهتمام بالنفس، أو الأسرة، إلى الاهتمام بالانسان الأفريقي جنوب الصحراء، متجاوزاْ حدود الحارة والحي والقرية والمدينة والدولة، ليشمل اهتمامه القارة السوداء.



وقد سبق وأن قدم الاستاذ محيي الدين صالح في كتابه القيم"أعلام النوبة في القرن العشرين, الجزء الأول,  ما يقرب من 50 رجلاً من رجالات النوبة, بالإضافة إلى 50 مؤسسة وهيئة نوبية، تجاوز أكثرهم مستويات عديدة من الاهتمام الضيق بالأسرة والقبيلة إلى الاهتمام الأرحب بالاسلام والانسانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق