الأحد، 21 يونيو 2009

القرابة نعمة أم نقمة (1)



قال تعالى: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى .." w

القرابة موضوع هام وكبير، شغل السياسيين والمفكرين وعلماء النفس وغيرهم من زمن طويل. ثم أصبح علما بذاته، هو الانثربولوجي. يقول العالم بنيدهام: "إذا سأل عما يفعله الأنثربولوجيون الاجتماعيون، لكانت دراسة القرابة حتما هي الإجابة".

والأقارب هم عصبة الفرد، إلا أن تعريف ابن خلدون للعصبة أوسع معنى من المألوف. فالعصبة عنده تضم فئتين، الأولى هم الأقارب العاصبون، الذين يجمعهم الانتماء الواحد المشترك إلى سلف واحد، هو مؤسس العصبة، وتتسمى في الغالب باسمه. والثانية تشمل الأعضاء الحلفاء والموالي والأتباع، منهم من يرتبط بالفئة الأولى عن طريق الأم، أو يرتبط به

ما فائدة الأقارب أو العصبة ؟
ولماذا ضعفت الروابط بالأقارب في العصر الحديث؟

يؤكد ابن خلدون على أهم حاجتين للإنسان، أولهما الحاجة إلى الطعام، وثانيهما الحاجة إلى الأمن والحماية.
وإذا كانت الحاجة إلى الطعام واضحة، إلا أن الحاجة إلى الأمن والحماية وعلاقتها بالأقارب غير واضحتين خاصة لساكني المدن في العصر الحديث. وذلك لأن هاتين المسألتين توكل إلى آخرين ليسوا بالضرورة أن يكونوا أقارب لنا بالمعنى الضيق لمعني القريب. ولكنهم أبناء وطننا الذي ننتمي إليه. فالوطن أو الدولة الحديثة توفر لنا الأمن والحماية من خلال رجال الشرطة والجيش، كما يوفر لنا آخرون من أبناء الوطن سبل التكافل الحديث من خلال شركات التأمين وغيرها من المؤسسات الوطنية. وما وفره الوطن من الأمن والحماية هي إحدى أسباب ضعف العلاقة بين الأقارب في المدينة والريف كما يذكر ابن خلدون.

ويؤكد ابن خلدون على أسباب أخرى رآها في المجتمع الحضري في عصره، ومازالت موجودة حتى الآن، كانت سببا في ضعف العلاقة بين الأقارب، منها غلبة المصالح الشخصية على مصالح العصبة، ولوجود النظم الاجتماعية التي تؤدي نفس هذا الدور، ولأن الظروف الحضرية تؤدي إلى نمو فكرة الأسرة، ونمو كل ما هو خاص ومتعلق بمصلحة الشخص عما هو متعلق بالجماعة من حقوق.

ويضيف سبب آخر، وهو ظهور الصداقة والمحبة والأيديولوجيا السياسية كمصدر للعصبة في المجتمعات الحضرية، بجانب المصاهرة والنسب الصريح والولاء والحلف.

سؤال أخير، هل هناك علاقة بين أمراض العصر وبين ضعف العلاقات الحميمة بين الأقارب؟

نعم، هذا ما يؤكده علم النفس المعاصر، وهو أن هناك علاقة بين أمراض العصر، وبين العلاقات الحميمة بين الأقارب.

فقد اكتشف فريق (لنش) أستاذ علم النفس ومدير العيادات النفسية - كلية الطب - جامعة ماريلاند، عن طريق استخدام تقنية الدماغ الإلكتروني، أن ضغط الدم يرتفع بنسبة تتراوح بين 40، و50 % إن كنت تتحدث مع غرباء !

وقد أثبت الأستاذ (لنش) بالأدلة الدامغة في كتابه "القلب الكسير" أن العلاقات السعيدة مع الأقارب والأصدقاء وبين الزوجين، لا تفيد الصحة العقلية فحسب، بل ربما تقي المرء من أمراض القلب، أحد أخطر أمراض العصر.

فالأقارب يلعبون دورا هاما في حياة الفرد كما أثبت العلم الحديث، ومن قبل أحاط الدين الإسلامي العلاقات بين الأقارب (الأرحام) بكثير من القدسية، وهذا موضوع آخر سوف نعرضه في الأعداد القادمة.

بقى أن نعرف من هو القريب كما يعرفه ابن خلدون في مقدمته، كأجمل تعريف عرفته حتى الآن. وهو أن القريب هو من يجد في نفسه غضاضة من ظلم قريبه، أو العداء عليه، ويود لو يحول بينه وبين ما يصله من المعاطب والمهالك : نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا.

إذن القريب ليس ذلك الذي يرى الظلم الذي يقع عليك، فيقف ساكتا. وليس القريب الذي يعرف بالمصائب التي تحيطك ولا تدري عنه شئ ، فلا يحذرك أو يتعاون معك لدرئه عنك. بل هو من تصيبه غصة عندما يراك مظلوما، ويدافع عنك إذا كثرة الأعادي حولك. وهو الذي يقف حائلا بين المصائب والمهالك التي قد تصيبك.
القرابة إذن نعمة، كيف تحولت إلى نقمة؟ هذا ما سنعرفه في الأجزاء الباقية.
(الصورة من جريدة القبس)

الحاج متولي!


سوف يمر وقت طويل جداً حتى ينسى المشاهدون العرب عامة والنساء خاصة مسلسل الحاج متولي، الذي مازال يستنسخ ويعرض منذ عرضه لأول مرة على الفضائيات العربية.
ورغم أن متابعتي لما يكتب عن هذا المسلسل ليس متابعة محترف، ورغم أن صيد الصدفة لم يكن قليلاً، إلا أن الكتابات المتعددة لم تبحث عن أهم مبدأ قام عليه المسلسل. فمن صيد الصدفة ما صرح به نور الشريف لجريدة السياسية:
- الحاج متولي يعيش في نفس كل رجل عربي، لذا نجح المسلسل، فقد حرك مشاعر كامنة في نفوس الرجال الذين اعتبروا الحاج متولي هو الرجل السوبرمان، الذي فعل ما لم يستطيعوا فعله. أما لماذا جذب النساء فلأنه حرك مشاعر الخوف والقلق الأزلي المتواجد في عقولهن وقلوبهن.

أما المبدأ الذي عام عليه المسلسل، أو المبدأ الذي تبناه الحاج متولي طوال أحداث المسلسل والذي جاء على لسانه في حواره مع صباح: أن الحب والزواج منها لن يفيد أحد منهما، لأنه زواج فقير من فقيرة! وأنه يجب على كل منهما أن يبحث عن الحب والزواج عند ثري أو ثرية لتكون لمعادلة صحيحة ومجدية. وهكذا قفز الحاج متولي من زواجه الأول ثم الثاني إلى الثالث والرابع.
ورغم أن هذا المبدأ الانتهازي مرفوض أخلاقياً ودينياً، ولكنه للأسف سبب رئيسي وأولي في معظم الزيجات، خاصة من جانب المرأة.
فأول إجابة تقال للمتقدم لزواج الابنة: أعطينا فرصة للسؤال عنك والرد عليك!
وسينصب السؤال طبعاً عن ما يملك وما تملك أسرة العريس! وما إذا كان يستطيع أن يجهز كذا وكذا من شقة وسيارة وخادمة ... الخ.

السبت، 20 يونيو 2009

التدريب القاسي للفوز بالميداليات الأولمبية!



بدأت الأولمبيات بالدعوة التي وجهها البارون (بييردي كوبرتان) لإعادة الأولمبيات القديمة. وأول دورة أولمبية أقيمت في أثينا عام 1896، واشترك فيها 13 دولة فقط!
لدينا 35 قانون للألعاب الأولمبية تحكم العالم ولا يمكن لأي دولة أن تغير في هذه القواعد والقوانين. ولدينا أيضاً ميثاق أولمبي بدأ سنة 1894م، وطبق في أول دورة أولمبية سنة 1896م، تبع هذا مجموعة من الاتفاقيات يطلق عليها في المجال الرياضي القوانين والقواعد الدولية.
ورغم أن مبدأ الدورات الأولمبية هو الفوز بشرف، إلا أن الدول والأفراد لجئوا لحيل كثيرة للفوز بالميداليات الذهبية، منها ما هو قانوني، ومنها ما هو غير قانوني، ومنها ما لا نتمكن من تطبيق القانون عليه.
من ما يندرج تحت الأخيرة، الاستخدام التقني الحديث للمنشطات، يعني التطور الجيني الذي يمكن أن يكون تنشيطاً غير قابل للكشف، وكذلك الأعشاب والإمكانيات الطبيعية.
كما أن بعض الدول تستخدم أساليب جديدة في التدريب تكاد تأثيرها يكون مثل تأثير المنشطات، وبالتالي لا يقع اللاعب تحت التجريم، مثل تنشيط العضل الكهربائي.
وقد تناقلت وكالات الأنباء منذ مدة غير بعيدة صوراً من دولة آسيوية، تظهر طرق التدريب القاسية للرياضيين الصغار المعدين لخوض الأولمبيات، كما تظهرها الصور المرفقة بالموضوع. هل الحصول على الميداليات الذهبية تبرر كل هذه القسوة؟

الأحد، 31 مايو 2009

مجلة نوبتي ودراسة موضوعية



السؤال الأول: هل يكفي صدور 4 أعداد من مجلة نوبتي لنبدأ في تقييمها؟

أحسب أن الإجابة : نعم، ولكن ما هي معايير التقييم ؟

1. هل هو عدد القراء الذين يقتنون المجلة، أم عدد القراء الذين يتفاعلون معها؟
2. أم بعدد الكتاب المشهورين الذين يكتبون فيها؟
3. أم بتنوع الموضوعات؟
4. أم بالتزام بمعالجة موضوعات معينة؟
5. أم بمكانتها بين المجلات الكويتية، أو المصرية، أو العربية؟

بالمعيار الأخير، يرى البعض أن مجلة نوبتي لن يتاح لها أن تنافس المجلات العديدة الصادرة بالكويت بموضوعاتها المختلفة وإمكاناتها الضخمة بدءً من فريق إعداد وتحرير متخصص وانتهاءً بشركة توزيع خبيرة ..الخ
صحيح أن المجلات الكويتية والمصرية، وربما العربية، أغلبها تدعم من قبل الحكومة، وفرصة إمكانية حصول أي مجلة نوبية (خاصة في مصر) للدعم تبدو معدومة، حيث تابعت عن كثب جهود مضنية لرجل إعلانات نوبي فاضل لإصدار مجلة نوبية تحت رعاية كبار المتنفذين في مصر، باءت كلها في النهاية بالفشل، وأخرها محاولته إحياء جريدة أخبار النوبة، التي صدرت بعد ذلك دون مشاركته!

ولكن ليس على دعم الحكومة فقط تقف وتستمر كل المجلات، فكما أن دعم الحكومة لم تنقذ كثير من المجلات من التوقف المؤقت أو المستمر، كذلك تستمر بعض المجلات دون دعم من الحكومة. كيف؟

هناك شقان، أحدهما شق مادي، والآخر شق معنوي. إن للمجلة أو الجريدة مثل المحطات التليفزيونية، مصادر دخل أخرى لا تقل أهمية عن دعم الحكومات، هما القراء الذين يرون أهمية وجود المجلة، ورجال الأعمال والمؤسسات التي ترعى المجلة سواء بالتمويل المباشر أو عن طريق الإعلانات.

والسؤال المطروح هنا: متى يشعر القارئ بأهمية المجلة؟
الإجابة بسيطة وصعبة، بسيطة حيث من المعروف الآن أن القارئ يهتم بالمجلة التي تلبي حاجاته سواء الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية أو حتى الاستهلاكية. وصعبة لأن معرفة ما يحتاجه القارئ المستهدف (وهنا النوبي عامة والنوبي المقيم في الكويت بصفة خاصة) تحتاج إلى دراسة احتياجاته، والدراسة عن طريق مكتب أو شخص متخصص يحتاج إلى مبالغ طائلة، لا يمكن أن يتحملها فرد أو جماعة نوبية متطوعة، على الأقل في الوقت الحاضر.

هذا هو الشق المادي، أما الشق المعنوي، فهو أن تكون هناك إرادة من القائمين على المجلة ومن القراء على ظهور مجلة نوبية على قدم المساواة مع المجلات العربية والمصرية. وخير مثال على إمكانية ذلك هو تدشين نادي النوبة الرياضي هذا العام بإرادة الرجل المخلص فوزي صالح والمرحوم سيد غطاس وأعضاء مجالس الإدارة السابقين، وأعضاء النادي الداعمين، وكلهم نوبيون، وذلك بعد مرور أكثر من 22 عاماً من العمل المتواصل والمضني (بدأ العمل عام 1987). وذلك دون خوف من وجود منافسة من النوادي المصرية العريقة.

وإذا علمنا أن أول مجلة نوبية صدرت من جمعية نوبية كان حوالي عام 1912 (مجلة النوبة الحديثة)، ثم "المجلة النوبية" عام 1920، ثم مجلة "مصباح النوبة" عام 1938، ولو كانت هناك إرادة من النوبي القارئ والكاتب والرأسمالي، لكان لدينا عشرات من المجلات والصحف النوبية الآن. والبدء من الآن لظهور مجلة نوبية خير من ألا نبدأ. فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس. ومبررات هذا سأذكرها لاحقاً.

إن معيار عدد القراء الذين يقتنون المجلة، أو عدد القراء الذين يتفاعلون معها هام كما بينا، وتحتاج المجلة لدراسة احتياجاتهم ومن ثم تلبيتها، وهذا سيؤدي بالطبع جذب عدد من الكتاب النوبيين المشهورين، لحرص الكاتب مثل شاعر الأغنية الذي يريد الانتشار فيعطيها لأجمل الأصوات وأشهرها.

هذا، والأمل كبير في استمرار نجاح اللجنة الثقافية (مجلة نوبتي)، التي استطاعت نتيجة تضافر جهود أعضاء من الاتحاد السابق، والداعمين للعمل النوبي، أن تكون حصتها في صافي إيرادات الاتحاد السابق مقدارها 1038.200 د.ك. نهاية عام 2007، بينما كانت حصة اللجنة الفنية فقط 327.900 د.ك، ولم تحقق اللجنة الاقتصادية شيئاً يذكر، وحققت اللجنة الاجتماعية والرياضية خسائر بلغت 715 د.ك و 101 د.ك على التوالي.

هل سيشفع انجازات اللجنة الثقافة (مجلة نوبتي) في الاتحاد السابق، أن يمد القارئ النوبي لها يد العون لتكون – كما نأمل – في مصاف المجلات المصرية والعربية؟

والمجال مفتوح للاجتهادات في تقييم مجلة نوبتي والجدوى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لها.
(الصورة: من غلاف العدد الرابع)

استعارة الكتب وعدم إرجاعها في وقتها


في 13 مايو الجاري، نشرت القبس خبراً عن أعادت امرأة كتابا إلى مكتبة كانت قد استعارته منها قبل أكثر من 30 سنة. وفي التفاصيل : نقلت صحيفة واشنطن بوست عن المتحدث باسم مكتبة «أرلينغتون» في ولاية فرجينيا، بيتر غولكن، قوله إن كتاب «ذي باتريوتس شيفز» للمؤلف ألفن جوزيف أخذ في 16 مايو 1978 ولم يعد إلا قبل أيام مع رسالة اعتذار، وشيك مالي بقيمة 25 دولارا. وقال غولكن «من الرائع أن تعود الكتب بدلا من جمع الأموال من الغرامات ونفقات الاستبدال». يشار إلى أن سارة ماكي، البالغة من العمر 70 سنة، استعارت الكتاب قبل فترة طويلة لدرجة نسيت انه لا يخصها. وكتبت في رسالتها «أنا أشعر بإحراج كبير ولكنني فتحت الكتاب مؤخرا واكتشفت انه لكم وليس لي. أعبر عن اعتذاري على التأخير».

وقبلها قرأت أن أمريكياً أعاد كتاباً إلى المكتبة بعد 74 عاماً من استعارته، وفي التفاصيل: بعد 74 عاماً أعاد مواطن أمريكي كتاباً كان قد استعاره في الستينات من القرن الماضي مرفقاً به 171 دولاراً كغرامة تأخير وقد أوضح الأمريكي ( روبرت نورانين ) أن والدته قد وضعت الكتاب الذي يحمل عنوان « أمير من مصر » في غير المكان المخصص له وذلك أثناء تنظيف المنزل غير أنه عثر عليه بطريق الصدفة في الأسبوع الماضي والكتاب يحمل تاريخ استعارة في 1960 وكان قد استعاره من المكتبة في إطار شغفه بالكتب الخاصة بتاريخ مصر وحضارتها.‏ وقد رحبت المشرفة على المكتبة بعودة الكتاب قائلة :« أن إعادته تؤكد أن الوقت لم يفت بعد لإعادة الكتب المستعارة التي قد تتوارى في مكان ما في منازل القراء ».‏

كما قرأت أيضاً أن بريطانياً يعيد كتابا استعاره بعد 42 عاما، وفي التفاصيل: أعاد مواطن بريطاني كتاب تاريخ كان قد استعاره من المكتبة العامة بمالطا منذ 42 عاما وقدمت له المكتبة قدحا من القهوة بدلا من فرض غرامة تأخير عليه. وكان ارني روسكويت المقيم في الولايات المتحدة وضع الكتاب بطريق الخطأ في أمتعته عندما غادر مالطا في يونيو حزيران 1962. وعاد روسكويت إلى مالطا في عطلة رتبتها له زوجته بمناسبة عيد ميلاده الخامس والستين. وقال روسكويت الذي كان يعمل في القوات الجوية البريطانية لصحيفة تايمز المالطية "كان ضميري يؤنبني طيلة الوقت." وعلى الرغم من انه كان يتوقع أن تفرض عليه غرامة تأخير فان المكتبة قدمت له قدحا من القهوة.
وقال أمين المكتبة جو ديباتيستا "لعل هذا يقنع آخرين بإعادة الكتب التي تأخروا في ردها."

أما في فنلندا، الحاصلة على الأولى في الأمانة عالمياً لعدة سنوات، فإن فنلندياً يعيد كتابا إلى مكتبة بعد مرور أكثر من قرن على استعارته! تصوروا! وفي التفاصيل: طبق فنلندي من رواد المكتبات على ما يبدو القول المأثور حدوث الأمر متأخرا أفضل من عدم حدوثه أبدا وأعاد بهدوء كتابا تمت استعارته منذ أكثر من 100 عام من إحدى المكتبات بمدينة فانتا بجنوب فنلندا. وفقدت المكتبة منذ ذلك الوقت أي اثر للكتاب المستعار ولكنها رحبت باستعادة الكتاب إلى مقتنياتها وهو نسخة صدرت عام 1902 من فارتيجا وهى دورية دينية نشطة كانت تصدر في ذلك الحين.وقالت أمينة المكتبة مينا ساستاموينين لرويترز ليس من الواضح متى تمت استعارة الكتاب بالضبط ومن أعاده. لم تكن معه أي وثائق. وأضافت هناك ملحوظة قديمة ملصقة بالكتاب تقول انه ستفرض غرامة قدرها عشرة بنسات عن كل أسبوع تأخير عن موعد إعادته. وأشارت إلى أن الورقة الملصقة على غلاف الكتاب الداخلي والطريقة القديمة لخط اليد الذي كتب به تظهر أن الكتاب أعير رسميا آخر مرة في بداية القرن الماضي. وفنلندا معروفة بشبكتها من المكتبات العمومية حيث يوجد بها أكثر من 900 مكتبة لسكانها البالغ عددهم 5.3 مليون نسمة. وفي عام 2006 بلغ معدل زيارة الفنلندي للمكتبات 11 مرة في المتوسط وبلغ متوسط استعارته حوالي 20 كتابا. وأعيدت نسخة الدورية إلى فرع كورسو بمكتبة فانتا والذي لم يكن قد انشئ وقت استعارتها.

إذا كان ما يجمع بين الأحداث جميعاً هو أمانة الذين استعاروا بطريق مباشر أو غير مباشر على تلك الكتب، وترحيب أصحاب المكتبات العامة بعودة هذه الكتب، فأرجو أن يتقدم الزملاء القدامى بتسليم الكتب التي تمت استعارتها مني، خاصة قبل الغزو العراقي لدولة الكويت، أي بعد مرور أكثر من 15 عشر عاماً، مع الوعد أنني لن افرض عليهم أية رسوم أو غرامات، لأنني أعطيتهم تلك الكتب حرصاً مني على أن يستفيدوا من مضامينها، وسأكون فرحاً بإعادتهم لي الكتب مرة أخرى قبل أن أموت.

مع الوعد أيضاً بأنني سأنشر – بإذن الله – خبر استلامي لأي من تلك الكتب في حينها، ولكن لا اضمن أن وكالات الأنباء العالمية ستنشر الخبر أم لا، وأنتم أعلم مني بالسبب.

جزاكم الله خيراً.

الصورة: لمكتبة البابطين للشعر العربي، الكويت.

ارتفاع ضغط دم السود عنه عند البيض


ارتفاع ضغط دم السود عنه عند البيض[1]

إن أحد التفسيرات التي كثيرا ما يستشهد بها حول تفشي ارتفاع ضغط الدم المزمن بين الأمريكيين السود عنه عند البيض، يرتبط بالرحلة من إفريقيا إلى أمريكا على متن سفن العبيد. وهي باختصار تقول بأن الذين بقوا على قيد الحياة ووصلوا إلى أمريكا هم الذين استطاعت أجسامهم (جيناتهم) الاحتفاظ بالملح، حيث أن السبب في موت أغلبهم كان نتيجة لمرض الجفاف والإسهال، وطبقاً لنظرية البقاء للأصلح، فإن الإفريقيين الموجودون في أمريكا تحتفظ أجسامهم بنسبة كبيرة من الملح، وهو ما يؤدي إلى فرط ضغط الدم.

ويرى بعض العلماء أن الأساس التاريخي للنظرية ضعيف إلى حد ما، فالإسهال وغيره من الأمراض فقدان الملح، وبخاصة لدى الأطفال، كانت من بين أكثر الأمراض المميتة في كل تجمع سكاني على امتداد تاريخ التطور البشري كله. وعلى هذا فما ينتج من ضغوط انتقائية تسببها مثل تلك الظروف ينطبق على الجماعات الجنسية والعرقية جميعها. كما عرف العلماء منذ مدة أن معدل فرط ضغط الدم في ريف غرب إفريقيا هو أقل منه في أي مكان آخر في العالم!

وإذا فرض أن هذه النظرية صحيحة، فكان عليه أن يخفض من كل حجم المجموعات السكانية والتفاوت الجيني لدى هذه المجموعات، لأنه لن يبقى على قيد الحياة سوى الناس الذين لديهم تركيبة جينية معينة، في حين أن البيانات المتوافرة تبين أن ثمة تنوعاً جينياً إلى حد كبير لدى الأمريكيين من أصل إفريقي. إن العزف على هذه النظرية لدي بعض الباحثين يعكس استعداداً لقبول التفسيرات الجينية حول الفروق بين البيض والسود من دون تقويم تام للدلائل المتوافرة. وهذا الموقف هو بوضوح عقبة ذات شأن في وجه البحوث المُحكمة، غير المتحيزة.

من هذه البحوث الأخيرة، قيام بعض العلماء بإجراء دراساتهم على الأصول الإفريقية في مناطق ثلاث هي نيجيريا، وجامايكا، والولايات المتحدة. وتم إجراء الاختبارات على عينات عشوائية أخذت من كل موقع لتحديد الانتشار العام لكل من فرط ضغط الدم، والعوامل المسببة له، كتناول غذاء غني بالملح والسمنة وقلة النشاط الجسمي. وكما هو متوقع، كانت الاختلافات بين هذه المجتمعات الثلاثة كبيرة. فالمجتمع النيجيري الذي تم دراسته هو مجتمع ريفي، وسكانها بصفة عامة ناحلون، ويمارسون أعمالاً زراعية تؤمن لهم القوت، وتتطلب جهوداً عضلية، ويتالف غذاؤهم التقليدي من الأرز والدرنات والفواكه. وعلى نقيض ذلك نرى الأمر في جامايكا التي تسير على طريق الاقتصاد الصناعي، وتنخفض فيها أخطار الأمراض المعدية إلى درجة كبيرة، وعلى الرغم من الفقر الواسع الانتشار، فإن الأجل المتوقع في جامايكا أطول بست سنوات مما هو بين السود في الولايات المتحدة، والسبب في ذلك هو انخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وبالسرطان. وفي منطقة قرب شيكاكو (مايوود) تمت الدراسة على عدد كبير من المتقدمين بالسن، ويلفت الانتباه أنهم يتمتعون بمستوى صحي متقدم، حيث أن أعمالهم خاضعة لقوانين نقابية في مجال الصناعة الثقيلة تؤمن أفضل الفرص. والقوت السائد هو الطعام الأمريكي النموذجي، وهو غني بالدهون والملح.

هذا وقد تبين أيضاً أن الاغتراب الذي تعرض له الإفريقيون وسيلة قوية لتقييم تأثيرات تغير المجتمع والبيئة في موروث جيني ثابت نسبياً. صحيح أنه من العسير قياس أنواع الكرب النفسي والاجتماعي وبخاصة في ثقافات متباينة، ولكن مما لا جدال فيه أن السود في أمريكا الشمالية وأوروبا يواجهون نوعاً فريداً من الكرب هو التحيز العرقي. ومما يستحق الذكر أن السود في بعض الجزر البحر الكاريبي، بما فيها ترينيداد وكوبا والمناطق الريفية من بورتوريكو، لديهم متوسط ضغط دموي يساوي تقريباً متوسط ما هو عليه في المجموعات الجنسية الأخرى التي تعيش بينها، ولربما كانت العلاقات بين الأجناس (الأعراق) المختلفة في تلك المجتمعات تشكل إهانات أقل، ولذا توفر على الجهاز القلبي الوعائي إيذاء أقل مما هو في الولايات المتحدة الأمريكية.

بقى أن نعرف أن فرط ضغط الدم hypertension وهو الاصطلاح المعتمد لارتفاع ضغط الدم المزمن. ويمكن لهذه الحالة أن تسهم في صمت في إحداث أمراض القلب والسكتة الدماغية stroke والفشل الكلوي renal failure ، وهي السبب في وفاة نحو 500.000 شخص كل عام.



[1] مجلة العلوم، الترجمة العربية، المجلد 15، العدد 10، أكتوبر 1999، ص 48.

الاثنين، 18 مايو 2009

يا ميت ألف خسارة علي الرجالة ... السود



نشرت الصحف خبراً الأسبوع المنصرم مفاده أن "نساء كينيا يقررن الإضراب عن الجنس لحل أزمة سياسية" كنوع من الضغط وصف بأنه غريب ويحدث أول مرة في التاريخ، وفي التفاصيل : أن تجمعا من الحركات النسائية دعا النساء الكينيات إلى بدء إضراب جنسي لمدة أسبوع حتى يدفعن أزواجهن إلى ممارسة ضغط على الساسة في البلاد ليجدوا حلولا لهذه الأزمة.
وحسب بعض اللقاءات، فقد أثار الإضراب غضب كثير من الرجال، وراحوا فعلاً للبحث عن علاج لهذه الأزمة.

التعليق:
كان إلى وقت قريب، الرجل الأسود، نموذجاً للرجولة، سواء في الحياة العادية أو في المعتقلات. ولكن هذه الحادثة الأخيرة كشفت زيف هذه الرجولة، ورضوخها في أول تجربة لمطالب النساء.
ومن اليوم يحق للمرأة السوداء أن تكون نموذجاً للمرأة في العالم، ونقول للرجال السود:

"يا ميت ألف خسارة علي الرجالة".