الجمعة، 26 يونيو 2015

التنمية من أسفل إلى أعلى



كتب الدكتور مهندس سامي الاسكندرني

في رأيي أن رئيس الوزراء السابق الدكتور احمد نظيف ومعه مجموعة مؤثرة من الوزراء كانوا على درجة عالية من الذكاء والمعرفة والفهم، وأعتقد انهم بدأوا فترة حكمهم بطرح السؤال الجوهري ماذا تحتاج مصر حتي تتحسن احوال المواطنين؟ وكان الجواب فرص عمل وتنمية اقتصادية، وكيف يتم ذلك؟ كان السؤال الثاني واجابته بزيادة الاستثمار، تبع ذلك السؤال الثالث المنطقي، وهل قدرة المستثمرين المصريين كافية؟ والاجابة كانت بالنفي واذن لابد من تشجيع الاستثمار الاجنبي بشتى الطرق «الى جانب استثمارات المصريين بالطبع» حتى نصل الى معدل تنمية يزيد على الـ 7٪ سنوياً، ولعل هذا يفسر سياسات الخصخصة واعطاء المزايا الكبيرة للمستثمرين الاجانب لإغرائهم وتشجيعهم على تفضيلنا على كثير من الدول الاخرى المنافسة لنا والتي لها نفس التوجه.

ولا شك أن هذا ادى الى نتيجة ملموسة ولكن فقط في قطاعات معينة مركزة اساساً في الشرائح الاجتماعية العليا وتلك نتيجة طبيعية لحقيقة ان هدف المستثمر الاجنبي الاساسي هو الربح، وهذا حقه، ولا يجوز لنا ان نطالبه بالتعاطف مع  اعتباراتنا الاجتماعية الخاصة.

وترى الحكومة ان عوائد تلك الاستثمارات الفوقية سوف تتساقط مع مرور الوقت من أعلى الى اسفل حتى تصل الى الشرائح الاجتماعية المنخفضة في السلم الاجتماعي / الاقتصادي.

وقد تكون هذه النظرية سليمة بالفعل، لكن يعيبها انها قد تحتاج الى فترة زمنية طويلة حتي يتحقق الحلم، انها التنمية من أعلى الى اسفل، واود ان اقترح تكليف حكومة موازية بالتنمية من أسفل الى اعلى بأن تبدأ بالعمل على مستوي القرية، وتوجد بمصر حوالي اربعة آلاف وخمسمائة قرية واعتقد أنه يمكن السيطرة على القرى بسهولة نسبية لمحدوديتها مكاناً وسكاناً وأن نستعين بسيدات ورجال مصريين شرفاء اوفياء من ابناء تلك القرى او البنادر او المحافظات التي تقع فيها تلك القرى ممن يكون الله قد حباهم بالحظ السعيد والتفوق علمياً او ثقافيا او مادياً ويكون المستهدف لكل قرية مايلي:

1- محو الامية تماما في فترة زمنية لا تتعدي العام الواحد.

2- تعميم استخدام وسائل الطاقة البديلة، الشمسية والرياح والغاز الحيوي المستخرج من فضلات النبات والحيوان والانسان.

3- تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي والغذائى وتحقيق فائض للتصدير للمدن، اي العودة الى نموذج القرية المنتجة التي افتقدناه بعد ان تحولت قرانا الى قرى مستهلكة.

وليس ما اطرحه حلماً يستعصي على التنفيذ وأشير هنا الى تجربتين رائدتين في نفس الاتجاه، الاولى قرية البسايسة شرقية والتي تطورت الي البسايسة الجديدة في جنوب سيناء وبدأتا بمجهود فردي للاستاذ الدكتور صلاح عرفة بالجامعة الامريكية بالقاهرة اما الثانية فهي تجربة سيكم وما تفرع عنها «ايزيس وخلافه» والتي بدأها الدكتور ابراهيم ابو العيش صغيرة ومحدودة في بلبيس ووصلت الآن الى حجم هائل اهله للفوز بجائزة نوبل للتنمية.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق