الاثنين، 12 ديسمبر 2016

في بيتنا انقلاب (4)

الفصل الثاني


(داخل برلمان .. منصة رئيسية في خلفية المسرح عالية .. منصة منخفضة قليلاً أمام المنصة الرئيسية لإلقاء الخطب .. على الجانبين مقاعد تجلس عليها عدد من النسوة .. يوحي المنظر بأنهن عضوات البرلمان في المكان الذي يجلس فيه المشاهدون)

إحدى النساء لأخرى تجلس بجانبها :
-         هل رأيت من قبل فاتن محمود زوجة حاكمنا القديم ورئيس المجلس الآن ؟
-         نعم .. إنها امرأة لا ينطفئ لها بريق

(على الجانب الآخر):
-         ماذا تحملين معك ؟
-         جئت ببعض الخيوط ، لأكمل غزل فانلة لإبني وقت استراحة المجلس.

(وعلى جانب آخر):
-         أمس طبخت باذنجان هائل
-         صفي لي طريقة عملها
(بدأت تشرح لها طريقة عمل الباذنجان)

(حوار آخر):
-         ما رأيك .. نريد أن ننتهز فرصة وجودنا في العاصمة واستراحة المجلس لنتسوق.
-         دون أن نطلب إذناً بالخروج؟
-         لن يكتشف أحد غيابنا.

(تتقدم الرئيسة إلى منصة إلقاء الخطب وسط تصفيق نساء المجلس الوقوف)

                 
فاتن :
سيداتي .. باسم الشعب .. أهنئكم وأهنئ نفسي ببداية فجر جديد لبلادنا .. (تهتف) .. تعيش بلادنا حرة مستقلة .. تعيش بلادنا حرة مستقلة (تصفيق حاد) .. في بداية كلمتي أشكر لكم ثقتكم  وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم .. (هتافات .. وتصفيق حاد)
أخواتي..
إن الخطأ التاريخي الأول الذي وقعت فيه أمهاتنا هو ترك قيادهن في أيدي الرجال،  يجب أن نصحح ذلك. وما أخذه الرجل بالقوة ما كان ليسترد إلا بالقوة .. والخطأ الثاني الذي وقعت فيه أمهاتنا هو تربيتها لأبنائها على مبادئ الرجال الهدامة، مثل تمييزها بين الابن والابنة على حساب الأخيرة.  إن الرجل أو الرجولة قد فقدت مبرر تميزها وفوقيتها، خاصة في بلادنا.  رعاية الطفولة أصبحت في يد المرأة،  رعاية الأحداث أصبحت تحت يد المرأة، المحافظة على البيئة .. رعاية الكبار .. كلها تحت مسؤولية المرأة كل هذه الحقوق الإنسانية أصبحت من واجب المرأة وتحت رعايتها .. أما الشؤون والمهمات التي ليس لها حل  أو طول أو قوة تركناها للرجال ليثبتوا فيها فشلهم من اقتصاد وسياسة وحرب .. الخ (تتوقف قليلاً .. ثم تواصل) كانت حجة الرجل حتى لا نشاركه عمله ونطالبه بالمساواة، أننا مخلوقون للإنجاب .. وظلوا يلهون أمهاتنا بالتوالد الكثير،  وياليته كان مفيداً للمرأة ،  فقد أصبح التكاثر مفخرة للرجل!  أما بعد التراجع الانجابي الكبير نتيجة للدعوة العالمية لتحديد النسل، ورعاية صحة الأمهات، وتوفير الوسائل الآلية لأعمال البيت التي أرهقت أمهاتنا،  هذه الأسباب أعادت للأم إنسانيتها وحقها في المساواة بالرجل،  وجاء دورنا لنعيد للمرأة دورها القيادي في إدارة الدولة وتحديد المصير العالمي،  لبناء حياة افضل للبشرية جمعاء (تصفيق وهتافات)

أخواتي .. واليوم ونحن نحكم باسم المرأة،  لم نسلب حقاً كان للرجل، بل هو حقنا الذي استرددناه منه بعد سلب هذا الحق منذ زمن بعيد من أمهاتنا.  فكل النظريات الاجتماعية قد اتفقت على أن المرأة هي التي كانت تحكم البيت.  وقد تركت هذا الحق للرجل بوعي أو دون وعي،  بعد أن أقنعها الرجل بأن القوة والسلب والنهب هو قانون الحياة، وهو اقدر عليها. وأن نجح الرجل في صنع الحضارات، فهو أيضا الذي دمرها. والآن قد تقدم العلم بشكل لم يسبق له مثيل في الحضارات السابقة، وخوفا من أن يدمرها الرجل مرة أخرى،  تطوعنا نحن نساء بلادنا على أن نحمي حضارتنا وأولادنا من الدمار،  الذي لن يتأتى إلا بالثورة والوصول إلى مقاعد الحكم،  تحيا ثورة النساء (تهتف)  تحيا .. تحيا (تصفيق  حاد وهتافات).

أخواتي
إننا لا نخالف الطبيعة بثورتنا وأفكارنا هذه .. ففي عالم النبات نرى الفلاح يجز الذكور من النخل والنباتات الأخرى، ويترك الأنثى لأنها هي التي تثمر.  وفي عالم الحيوان، نذبح الديوك في حظيرة الدجاج ونكتفي بديك واحد، ونحتفظ بكل الدجاج،  لأن منها البيض ومنها الكتاكيت وهكذا في إبقاء الأبقار وذبح العجول حتى أن الله قد أرسل كبشاً ليفتدي به إسماعيل عليه السلام ولم يرسل نعجة .. (هتافات وتصفيق حاد).

أخواتي
          في مؤتمر المرأة العالمي الأخير .. كان لتواجد سيدات بلادنا تواجداً إيجابياً .. وقد اختيرت بلادنا كأمثل مكان لتطبيق نظرياتنا وتحقيق السلام وحماية مستقبل البشرية من الدمار .. ولا نبخس في هذا المقام من رجال بلادنا .. فهم الذين بدؤوا بإعلان السلام، وأعطوا الأمان لأعدائنا التقليديين ونتمنى أن تنجح حركة النساء في بلاد الأعداء ويقبضن على مقاليد الحكم أيضاً إن رجالنا وإن كانوا قد بدأوا السلام،  إلا أنهم ما لبثوا أن قلة حماسهم ووصلوا في محادثاتهم إلى طريق مسدود .. ونحن النساء في جميع أنحاء العالم نثق في أننا اقدر على تحقيق السلام والخير والرفاهية على الأرض فالسلام لن يحتاج إلى الرجال .. وقد انتهى دور الرجال في قيادة الدولة إذ كان دورهم يتوقف عند حد المفاوضات والخطب والزيارات .. (هتافات وتصفيق حاد) ..

أخواتي
          في نهاية خطبتي .. أهنئكم وأهنئ الإنسان في جميع أنحاء الكرة الأرضية بهذا الإنجاز النسائي الأول .. ونطمئن الرجل أننا لسنا بأعدائه فهو الابن وهو الأب وهو الزوج .. وسيكون له مكان في برلماننا في وقت لاحق .. إيماناً منا بالحرية والمساواة والديمقراطية .. (هتافات وتصفيق حاد).



(تنزل الرئيسة من على منصة الخطب ،  وتعود إلى مكانها في المنصة الرئيسية،  وتصعد أمينة المجلس)

أخواتي نظراً لأن جدول أعمال المجلس في أولى جلساته يحمل كثيراً من استراتيجية عملنا وتمس الأمور الخطيرة التي تصدينا لحملها،  فقد قررنا أن تكون الجلسة الأولى سرية.

(تخفت الأنوار بعض الشيء،  ونرى أشباح المتناقشات بلا صوت،  ثم هرج ومرج وتضاء الأنوار فجأة)

صوت :   
ماذا حدث ؟
صوت آخر:
(تصرخ) اللواء مصطفى وزير الدفاع يقود حركة تمرد في الجيش ضد الثورة.


(هرج ومرج على المسرح،  ونسمع طلقات رصاص،  ويسدل الستار)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق