الثلاثاء، 4 نوفمبر 2008

خطط ودراسات بهدف دفع الوافدين للعودة إلى بلادهم


لا يخفى على المتابع للأحداث السياسية في الخليج العربي، آثارها على اقتصاديات دول الخليج النفطية، وبالتالي على الظروف الاجتماعية. وأولى تلك الآثار السلبية ازدياد البطالة بين المواطنين، وبالتالي بين الوافدين، نتيجة للانخفاض المستمر للاستثمارات في المنطقة، وتوجه شباب المنطقة إلى العمل الحكومي المضمون، وهجرة العمل الخاص.

ولحل هذه المشكلة التي تمس دخول المواطنين والمقيمين معاً، تقدم كثير من رجال الفكر والسياسة وأساتذة الجامعة المتخصصين بدراسات في هذا الصدد.

من هذه الدراسات، الدراسة التي قام بها الدكتور عبد الرحيم فؤاد الفارس(
[1]) تحت عنوان "العمالة الوافدة إلى دول مجلس التعاون الخليجي : القوة الشرائية للأجر - آثارها وعلاقتها بتوطين العمالة ([2]), وتم الأخذ بها في بعض دول الخليج العربي.

ملخص الدراسة:
- يرى الفارس أن ظاهرة العمالة الوافدة لقيت اهتماماً كبيراً من قبل الباحثين والهيئات الأهلية والرسمية المختلفة. فتطرقت دراسات كثيرة لمختلف جوانب وآثار العمالة الوافدة إلى دول الخليج، إلا أن القوة الشرائية لأجور العمالة الوافدة لم تلق ما تستحقه من اهتمام.

- الهدف من الدراسة هو توطين العمالة، أي جعل العمل في دول الخليج قاصراً على المواطنين الخليجيين. يقول الفارس في الخاتمة أنه قدم هذه الدراسة "ليشهد الخليج أبناءه يأخذون وبصورة تدريجية ثابتة مواقعهم، ليس فقط كإداريين ولكن في شتى مراحل العملية الإنتاجية".

- يرى الفارس أن أفضل طريقة لتحقيق الهدف السابق ذكره، هو تحليل القوة الشرائية لأجر العامل الوافد في بلاده وبمثيله في الأجر من مواطني دول الخليج، وبالتالي اتخاذ أفضل الإجراءات لدفع الوافدين للعودة لبلادهم.

- توصل الفارس إلى نتائج عديدة أهمها نتيجتين:
1- اختلاف القوة الشرائية لأجر العامل الأجنبي باختلاف الدولة المستقبلة.
2- اختلاف القوة الشرائية لأجر العامل الأجنبي لاختلاف الجنسية.

وعليه، يقدم ثلاثة بدائل لتحقيق هدف توطنين العمالة وتشجيع عودة الوافدين إلى بلادهم:

البديل الأول : تقليص الهوة بين القوة الشرائية لأجر الوافد وبين القوة الشرائية لأجره في بلده. ومن أهم الإجراءات في هذا الصدد ما قامت به الحكومتين الكويتية والسعودية من فرض بعض الرسوم على العمالة الوافدة. ويرى أن هذا البديل يتعارض مع القرارات الإنسانية والاستراتيجية والاقتصادية (دون تفسير). إذ أن هذا البديل يؤدي إلى الاستقدام من دول عمالتها غالية مقابل خفض الاستقدام من العمالة الأرخص.

البديل الثاني: تفعيل نظام سوق العمالة المحلية الحر. ويرى الباحث أن هذا يتلاءم مع التوجه العالمي. وبموجب هذا النظام لا يسمح بأن يتقاضى العامل الوافد أجراً يقل عن الأجر الذي يحدده السوق المحلي. وهذا الوضع كما يرى الباحث يرفع أجور العمالة الوافدة وفي نفس الوقت يضغط على أجور العمالة الوطنية. وبالتالي يزيد في منافع العمالة الوافدة خاصة إذا أخذت القوة الشرائية في الاعتبار. ويرى أن هذا الوضع الوحيد الذي يجعل القطاع الخاص يُقبل، دون رجاء من أحد، على استخدام العمالة الوطنية بدلاً من الأجنبية.

البديل الثالث: نظام السوق الحر المعدل، وهو ذو شقين:
أ ) نظام السوق الحر بمفهومه السابق.
ب) فرض رسوم على العمالة الوافدة.

وهذا البديل الأخير، هو الذي يقترحه الباحث للأخذ به، لما فيه فائدة على الوافد والمواطن. فإذا كان تفعيل نظام السوق الحر يؤدي إلى منافع إضافية تجنيها العمالة الوافدة، إذن لا ضرر ولا ضرار إذا فرضت رسوم على العمالة الوافدة.

وفي سبيل توطين العمالة، يرى الباحث أن توجه هذه الرسوم أو جزء كبير منها لإنشاء صندوق يخصص لخدمة العمالة الوطنية على سبيل المثال:
1- في تمويل برامج تدريب أو إعادة تدريب القوى العاملة الوطنية في مجالات مطلوبة.
2- في تمويل برامج لدفع مرتبات مؤقتة للعمالة الوطنية التي تفقد عملها وتبحث عن عمل آخر.
3- في تمويل برامج تشرف عليه مؤسسة عامة، لتأمين وظائف مناسبة للعمالة الوطنية العاطلة في القطاع الخاص.
4- في تمويل برامج لتشجيع القطاع الخاص على توظيف العمالة الوطنية.


التعليق :

1- الدراسة تتجاهل حقيقة أن النسبة الكبيرة من أجر الوافد يتم صرفها في الدولة المستضيفة، حيث يبلغ إيجار السكن فقط حوالي 50% من الأجر، وبالتالي فإن الحساب الصحيح للقوة الشرائية لأجر الوافد يجب أن تحسب فقط على ما يتم تحويله إلى موطنه، والذي يمثل جزءاً ضئيلاً من أجره.

2- لم تول الدراسة أية أهمية لعاملي القومية العربية والإسلام كعاملين أساسيين جذبت الأيدي العاملة العربية من الدول غير النفطية للدول النفطية، خاصة تلك التي قدمت قبل ظهور الطفرة النفطية، وذلك بعد أن تحول العامل العربي عند الباحث إلى مجرد رقم، هو الأجر.

3- كما لم تول الدراسة أية أهمية لهذين العاملين في دعوته للضغط على الوافدين، بصفة عامة دون تمييز، للعودة لبلادهم.

4- عدم وجود ضرائب أو رسوم على الدخول في دول الخليج، جذبت كثير من الخبراء العرب، ذوي الأهمية البالغة للتنمية في البلاد، ولا يخضعون لمعيار "القوة الشرائية للأجر" في مواطنهم الأصلية، بل إلى البلاد التي تلقوا التعليم فيها أو تحتاج إلى خبراتهم. وفرض الرسوم عليهم سيتسبب في هجرتهم، ويؤدي إلى ازدياد هجرة العقول العربية التي هي مشكلة أخرى تحتاج إلى حل.
[1] أستاذ مساعد بقسم العلوم المالية والمصرفية، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة الزيتونة الأردنية.
[2] مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية – أغسطس / سبتمبر 1998.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق