(العمال متحلقون حول شيء لا أعرفه.. أمام باب المعرض ..)
- ماذا حدث يا سيد؟
- أستاذ أحمد !؟ جئت في وقتك .. منذ دقائق فقط وصلت أول رسالة من هولندا من الميناء .. ووجدت العم منير هكذا ملقى على باب المعرض ولم يقم بفتحه ..
- خذ المفتاح .. وافتح المعرض يا سيد .. وأنا سآخذ العم منير إلى اقرب مستشفى .. احملوه داخل السيارة .. سق بنا يا حاج عبده..
لحظات قليلة مرت علي كسنوات .. وأنا أحتضن العم منير داخل السيارة لأذهب به إلى أقرب مستشفى..
العم منير أمين الصندوق الذي ائتمنه والدي رحمه الله على كل أموالنا .. كل قرش يدخل محلنا أو يخرج منه لا يعرفه على وجه الدقة إلا العم منير .. حتى مصروف بيتنا كان هو الذي يقم بصرفه...
ولأن والدي أوصاني به خيرا .. فلا أتذكر يوما أنني غيرت معاملتي له .. ولم أتصادم معه في نقاش إلا مرات قليلة .. ومرت كلها بسلام ..
المرة الأولى كانت عندما فتح بنك القاهرة فرعا له في منطقتنا، فطلبت منه أن يضع كل ما نملك من مال فيه .. وأن نستعمل الشيكات في الصرف على كل طلباتنا إلا المبالغ النثرية فنحفظها في الخزينة بالمحل .. فرفض في البداية فكرة وضع الجزء الأكبر من أموالنا بالبنك .. فهو لا يتصور أن موظفي البنك سيحسنون معاملة موردينا من جهة، وعمالنا من جهة أخرى.. ولكن بعد أن عرفته أن موظفي البنك جميعا من ذوي المؤهلات مثلي .. وأنهم لا يعينون إلا بعد اختبارات فنية دقيقة وأخرى يتم اختبارها من خلال المقابلات الشخصية مع مدير البنك نفسه. وافق العم منير على إيداع أموالنا في البنك. وحتى يكون مطمئنا ولا يشعر أنني سلبته بعض أعماله، تركت له أمر مراجعة حسابنا في البنك إيداعا وسحبا، كما فوضته في التوقيع مثلي تماما على شيكات المؤسسة.
والمرة الثانية والأخيرة التي تصادمنا فيها كانت منذ شهور قليلة، عندما عرضت عليه فكرة استيراد بعض الأغذية متقنة الصنع والجديدة من دول أجنبية، والتي يقبل المستهلكون عليها الآن. رفض الفكرة في البداية، فهو لا يتصور أن عملاءنا سيفضلون الأطعمة الأجنبية على الأطعمة المنتجة في بلادنا، كما لا يتصور أن إعلاننا عن تلك البضائع المستوردة سيجذب زبائن جدد لمحلنا. ولم يصدق أن تتحقق توقعاتي إلا عندما لمس بنفسه إقبال زبائن جدد لمحلنا.
وأظنه اليوم لم يتحمل مشاهدة أول شاحنة تحمل كميات ضخمة من الأغذية المستوردة لنفتح بها عهدنا الجديد بمعرضنا بعد توسيع المحل القديم وعمل الديكورات الحديثة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق