في الوقت الذي يرى فريق من النوبيين (ويشار إليه فيما يلي بـ"الفريق الأول) أن لا أمل في تطوير بعض الجمعيات النوبية القديمة وجعلها مسايرة للعصر الحديث، يرى فريق ثان (ويشار إليه فيما يلي بـ"الفريق الثاني) إمكانية التغيير الكلي في الشكل والمضمون ويدلل على ذلك بتجارب الجمعيات النوبية الجديدة .
الفرق بين الفريقين تكمن في معرفة الفريق الثاني الجيدة للقوانين من جهة، وإرادة التغيير والتطوير من جهة أخرى.
ما الذي يعرفه الفريق الثاني ولا يعرفه الفريق الأول ؟
1- يعرف الفريق الثاني أن قانون الجمعيات ينص في المادة (3) منه، " أن يكون لكل جمعية نظام مكتوب موقع عليه من المؤسسين يشمل اسم الجمعية ونوع وميدان نشاطها ونطاق عملها الجغرافي والأجهزة التي تمثلها واختصاصاتها وكيفية اختيار أعضائها والنصاب اللازم لصحة قراراتها، وكيفية تعديل نظام الجمعية وكيفية إدماجها أو تكوين فروع لها". إذن الجمعية حرة في اختيار اسمها، وحرة في اختيار نوع نشاطها وميدان نشاطها، وحرة في اختيار كل ما سبق ذكره. كما لها الحق في تعديل نظامها بالإضافة أو الحذف.
2- يعرف الفريق الثاني أيضاً آليات التغيير والتوسع في نشاط الجمعية، التي لا تختلف عن آليات إنشاء الجمعية، فهي سهلة وبسيطة. فإذا كان هناك نشاط جديد مثل النشاط الثقافي أو الرياضي (غير الموجود في أغلب الجمعيات النوبية)، فيكفي عشرة أشخاص لإنشائها طبقاً للمادة (1) من قانون الجمعيات.
3- كما يعرف الفريق الثاني، أنه لا حاجة لمقر جديد آخر لكل نشاط جديد، فيمكن تسجيل أكثر من جمعية في مكان واحد، طالما تخدم نفس القرية.
4- ويعرف الفريق الثاني أن إنشاء أكثر من نشاط، خاصة للجمعية الواحدة، تلبي رغبات كل أو أغلب أفراد المجتمع الذي يقوم بخدمته. فإذا كان النشاط الاجتماعي من عمل الخيرات وتلقي العزاء خاص بالبالغين من الرجال، فإن النشاط الثقافي يستقطب جهد الفئات المثقفة الذين يخدمون في اتحادات ونقابات أخرى، والنشاط الرياضي يستقطب الشباب الرياضي والمواهب من صغار السن، وفي الإمكان تخصيص نشاط آخر للمرأة، وأولئك وهؤلاء لا يستفيدون البتة من نشاط الجمعيات النوبية التقليدية وقد لا يعرفون حتى عنوانها.
5- كما يعرف الفريق الثاني بجانب ذلك، أن وجود أكثر من نشاط يزيد الموارد والمساعدات، وبالتالي يعود بالنفع على أغلب أفراد القرية إن لم يكن كله.
6- أخيراً وليس آخراً، يعرف الفريق الثاني أن هدف العمل في الجمعيات ليس مادياً، وبالتالي فلا توجد منافسة أو تكالب على الفوائد المادية، وأن أساس العمل طبقاً لذلك هو التعاون والمؤازرة من جميع الفئات لفائدة مجموع أهل القرية.
طبعاً هذا قليل من كثير مما يعرفه الفريق الثاني، ولا يعرف الفريق الأول عنه شيئاً للأسف. فيتقدم الفريق الثاني، ويظل الفريق الأول كما كان منذ قرن تقريبا!
وبهذه المناسبة أتمنى لجمعيات الفريق الثاني : الإسكان النوبية، النوبي الثقافية الدينية، التراث النوبي، والنادي النوبي الرياضي، والنادي النوبي الرياضي بالسويس، وجمعية رجال الأعمال، خطوة أخرى للأمام، ألا وهي تخصيص جزء مهم من الموارد المادية والبشرية للدعاية والاعلام عن أعمالهم في الوسط النوبي، لعل وعسى أن تنير الطريق للفريق الأول وما شابههم.
(الصورة من أرشيف الدكتور اسماعيل عقيد)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق