في رواية البخاري لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن إبراهيم الخليل، عليه السلام، صحب زوجه سارة في رحلته إلى مصر، فندب الملك لخدمتها فتاة من أسرة قبطية عريقة، أصلها من بلدة "حفن" بالبير الشرقي للنيل تجاه الأشمونين من صعيد مصر. وفي رواية أن الفتاة هاجر، ابنة ملك من ملوك القبط صناع ملكه، ونقلت ابنته إلى قصر الملك وصيفة به – ويرجع إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة إلى أرض كنعان، ومعهما "هاجر" هدية من الملك إلى السيدة سارة التي اكتهلت ويئست من الولد، فبدا لها ، لما عرفت من شوق زوجها إلى الولد، أن تهبه جاريتها المصرية الشابة، لعله يسكن إلى إحدى الراحتين وشاء الله تعالى أن تحمل هاجر، فخيل لسيدتها – وهي عجوز عقيم – أنها تباهي بحملها. وتجلدت السيدة لما تقاسي من الغيرة، حتى وضعت هاجر وليدها إسماعيل بن إبراهيم، فلم تطق السيدة أن يؤويها وجاريتها سقف بيت واحد. وخرج إبراهيم ميمماً شطر الجنوب، تتبعه هاجر وفي حضنها وليدها ترضعه، وقد أسدلت نطاقها خلفها لتخفي أثرها على السيدة.
وانتهى بهم المسير إلى مكة. وهي وقتئذ مقفرة خلاء، يلم بها الرعاة الرحل من حين إلى حين، التماساً للراحة في حرمها الآمن، حيث البيت العتيق على ربوة هناك. وضع إبراهيم بجوارها ابنه إسماعيل وأمه هاجر، وترك لهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء. ثم ولى منطلقاً فتبعته أم إسماعيل فقالت: أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي القفر الموحش؟ وكررت السؤال مراراً وهو لا يلتفت إليها، فقالت: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا.
انطلق إبراهيم حتى إذا كان عند ثنية الوادي حيث لا تراه أم ولده، استقبل البيت بوجهه ورفع يديه يدعو الله في ضراعة: "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن. وما يخفي على الله من شئ في الأرض ولا في السماء".
ومضى راجعاً إلى ارض كنعان، وأقبلت هاجر على وليدها ترضعه، وتتعزى به عن محنة الرق ومأساة الهجر والنبذ. حتى نفدت مؤونتها الضئيلة واشتد الظمأ على الرضيع الغالي فهبت مذعورة تلتمس الغوث. وبدا لها أن تطل على الوادي من مكان عال ونظرت أي الجبال أدنى من الأرض؟ فإذا (الصفا) منها قريب، فقامت عليه تدعو وتنظر، هل ترى أحداً؟ وتسمعت: هل تؤنس صوتاً؟ فلما لم تجد إلا الوحشة والصمت، أتت (المروة) مهرولة تسعى سعي المجهد وصعدت عليها لعلها ترى أثرا من حياة، ولا اثر. وكررت السعي بينهما حتى أجهدها السعي سبعة أشواط، قال ابن عباس، رضي الله عنهما، في رواية البخاري لحديثه: قال النبي صلى الله عليه وسلم (فذلك سعي الناس بينهما". واستلقت هاجر على الأرض الصخرية وزحفت بعيداً عن ولدها المحتضر وغطت وجهها بلفاعها وهي تقول:"لا أنظر موت الولد".
ثم كانت النجاة، حوم طائر على المكان ثم حط على بقعة صخرية هناك فمازال ينقر فيها حتى انبثق الماء من "زمزم" فهرعت هاجر نحوها في لهفة ترتوي من النبع الطيب وترضع ولدها. ودبت الحياة في الوادي الأجرد. قالوا: ومرت رفقة من جرهم – عرب الجنوب العاربة – مقبلة من طريق كداء. فنزلوا أسفل الوادي فرأوا طائراً حائماً فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، عهدنا بهذا المكان وليس فيه ماء. وأرسلوا دليلهم فما لبث أن عاد إليهم ومضى بهم إلى حيث كانت هاجر وولدها عند النبع. فاستأذنوها فأذنت لهم في النزول هناك، والماء ماؤها.
هكذا دخلت هاجر تاريخنا الديني بهموم أمومتها وشرفت بأمومتها لاثنين من الصفوة الرسل عليهما السلام، وصار مسعاها بين الصفا والمروة، مهرولة سبعة أشواط، شعيرة من شعائر الله ومناسك الحج في ديننا الحنيف.
وتمضي د. بنت الشاطئ لتضيف: هذا هو عيدنا للأم في ذروة أصالته وجلاله: شعيرة من شعائر الله ومناسك الحج والعمرة. فماذا صنع به زماننا البائس؟ فجأة من حيث لا نتوقع أن يتجاسر دعي أو مفتون على أصالته المصونة بحرمة الدين، طرأ علينا عيد للأم مستورد مجلوب، في اليوم الحادي والعشرين من شهر مارس سنوياً، وفي صخب الاحتفال به: ضجيج طبل وزمر ومعارض صور وأزياء وهدايا. وسوق تجارية لموسم إعلان ودعاية، غاب عن هذا الجيل أننا نحتفل بالعيد الأعظم للبهاء المبعوث من الصهيونية العالمية في القرن التاسع عشر لنسخ الإسلام ختام رسالات الدين. فإن يكن قد هان على الأدعياء المفتونين بالمستورد العصري أن يروجوا لهذا البديل الشائه، فهيهات أن يجمع أمتنا على ضلالة! وعلى الرغم منهم، يظل المسلمون إلى ما شاء الله، يسعون بين الصفا والمروة كلما حجوا البيت أو اعتمروا مهرولين سبعة أشواط، حيث سعت "هاجر أم إسماعيل" لا يخل أي مسلم بهذه الشعيرة من شعائر الله ومناسك الحج والعمرة. (ذلك ومن يعظم شعار الله فإنها من تقوى القلوب) صدق الله العظيم. انتهى.
هذه دعوة من دعوات كثيرة وجهت إلى أمتنا، ورغم ذلك اقتصر العمل بها في الحج والعمرة. ويستمر أغلب الأمهات المسلمات ينتظرن ما أخرجه مصنع الشيطان من بدائل ممسوخة شائهة من اصيل شعائرها المصونة بحرمتها الدينية من الدنس والعبس مثل عيد الأم وعيد الحب ... الخ.
هل يمكن ايجاد بديل لهذه الأعياد الدخيلة؟
وانتهى بهم المسير إلى مكة. وهي وقتئذ مقفرة خلاء، يلم بها الرعاة الرحل من حين إلى حين، التماساً للراحة في حرمها الآمن، حيث البيت العتيق على ربوة هناك. وضع إبراهيم بجوارها ابنه إسماعيل وأمه هاجر، وترك لهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء. ثم ولى منطلقاً فتبعته أم إسماعيل فقالت: أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي القفر الموحش؟ وكررت السؤال مراراً وهو لا يلتفت إليها، فقالت: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا.
انطلق إبراهيم حتى إذا كان عند ثنية الوادي حيث لا تراه أم ولده، استقبل البيت بوجهه ورفع يديه يدعو الله في ضراعة: "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن. وما يخفي على الله من شئ في الأرض ولا في السماء".
ومضى راجعاً إلى ارض كنعان، وأقبلت هاجر على وليدها ترضعه، وتتعزى به عن محنة الرق ومأساة الهجر والنبذ. حتى نفدت مؤونتها الضئيلة واشتد الظمأ على الرضيع الغالي فهبت مذعورة تلتمس الغوث. وبدا لها أن تطل على الوادي من مكان عال ونظرت أي الجبال أدنى من الأرض؟ فإذا (الصفا) منها قريب، فقامت عليه تدعو وتنظر، هل ترى أحداً؟ وتسمعت: هل تؤنس صوتاً؟ فلما لم تجد إلا الوحشة والصمت، أتت (المروة) مهرولة تسعى سعي المجهد وصعدت عليها لعلها ترى أثرا من حياة، ولا اثر. وكررت السعي بينهما حتى أجهدها السعي سبعة أشواط، قال ابن عباس، رضي الله عنهما، في رواية البخاري لحديثه: قال النبي صلى الله عليه وسلم (فذلك سعي الناس بينهما". واستلقت هاجر على الأرض الصخرية وزحفت بعيداً عن ولدها المحتضر وغطت وجهها بلفاعها وهي تقول:"لا أنظر موت الولد".
ثم كانت النجاة، حوم طائر على المكان ثم حط على بقعة صخرية هناك فمازال ينقر فيها حتى انبثق الماء من "زمزم" فهرعت هاجر نحوها في لهفة ترتوي من النبع الطيب وترضع ولدها. ودبت الحياة في الوادي الأجرد. قالوا: ومرت رفقة من جرهم – عرب الجنوب العاربة – مقبلة من طريق كداء. فنزلوا أسفل الوادي فرأوا طائراً حائماً فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، عهدنا بهذا المكان وليس فيه ماء. وأرسلوا دليلهم فما لبث أن عاد إليهم ومضى بهم إلى حيث كانت هاجر وولدها عند النبع. فاستأذنوها فأذنت لهم في النزول هناك، والماء ماؤها.
هكذا دخلت هاجر تاريخنا الديني بهموم أمومتها وشرفت بأمومتها لاثنين من الصفوة الرسل عليهما السلام، وصار مسعاها بين الصفا والمروة، مهرولة سبعة أشواط، شعيرة من شعائر الله ومناسك الحج في ديننا الحنيف.
وتمضي د. بنت الشاطئ لتضيف: هذا هو عيدنا للأم في ذروة أصالته وجلاله: شعيرة من شعائر الله ومناسك الحج والعمرة. فماذا صنع به زماننا البائس؟ فجأة من حيث لا نتوقع أن يتجاسر دعي أو مفتون على أصالته المصونة بحرمة الدين، طرأ علينا عيد للأم مستورد مجلوب، في اليوم الحادي والعشرين من شهر مارس سنوياً، وفي صخب الاحتفال به: ضجيج طبل وزمر ومعارض صور وأزياء وهدايا. وسوق تجارية لموسم إعلان ودعاية، غاب عن هذا الجيل أننا نحتفل بالعيد الأعظم للبهاء المبعوث من الصهيونية العالمية في القرن التاسع عشر لنسخ الإسلام ختام رسالات الدين. فإن يكن قد هان على الأدعياء المفتونين بالمستورد العصري أن يروجوا لهذا البديل الشائه، فهيهات أن يجمع أمتنا على ضلالة! وعلى الرغم منهم، يظل المسلمون إلى ما شاء الله، يسعون بين الصفا والمروة كلما حجوا البيت أو اعتمروا مهرولين سبعة أشواط، حيث سعت "هاجر أم إسماعيل" لا يخل أي مسلم بهذه الشعيرة من شعائر الله ومناسك الحج والعمرة. (ذلك ومن يعظم شعار الله فإنها من تقوى القلوب) صدق الله العظيم. انتهى.
هذه دعوة من دعوات كثيرة وجهت إلى أمتنا، ورغم ذلك اقتصر العمل بها في الحج والعمرة. ويستمر أغلب الأمهات المسلمات ينتظرن ما أخرجه مصنع الشيطان من بدائل ممسوخة شائهة من اصيل شعائرها المصونة بحرمتها الدينية من الدنس والعبس مثل عيد الأم وعيد الحب ... الخ.
هل يمكن ايجاد بديل لهذه الأعياد الدخيلة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق